وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه مسلم (881).
فقه الحديث:
مسألة: سنة الجمعة البعدية([1]):
جاء في الصحيحين عن ابن عمر L أن النبي H: «كَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ»، وهذا يدل على أن سنة الجمعة البعدية ركعتان، وفي حديث أبي هريرة I أن النبي H قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا»، وهذا يدل على أن سنة الجمعة البعدية أربع الركعات. وقد جمع بعض السلف وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم بين الحديثين: بأن سنة الجمعة البعدية إذا كانت تؤدى في البيت؛ فتصلى ركعتين، لحديث ابن عمر L، وإذا كانت تؤدى في المسجد؛ فتصلى أربع ركعات، عملًا بحديث أبي هريرة I.
ومذهب الحنفية والشافعية، وقول الإمام أحمد: أن سنة الجمعة البعدية أربع ركعات، ولا فرق بين أن تكون الأربع الركعات في المسجد أو في البيت؛ لظاهر حديث أبي هريرة I، وهو الراجح، والله أعلم.
والجمع بين الحديثين: أن يقال: سنة الجمعة البعدية أقلها ركعتان؛ لحديث ابن عمر L، وأكثرها أربع؛ لحديث أبي هريرة I، ولا فرق بين أن تؤدى في المسجد أو في البيت.
والأمر بصلاة أربع بعد الجمعة هو أمر للاستحباب لا للوجوب، لا نعلم في ذلك خلافًا بين العلماء؛ لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي H قال: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ»، فلو قيل بوجوب هذه الأربع بعد الجمعة؛ لأدى هذا إلى القول بصلاة سادسة مفروضة.
وهذه الأربع الركعات قال بعض أهل العلم: هي أربع ركعات متواصلة، تؤدى بسلام واحد.
وقال جمهور العلماء: تصلى ركعتين ركعتين، يفصل بين كل ركعتين بسلام، وهو الأرجح، ولا بأس أن تؤدى أربع ركعات متصلة بسلام واحد، كما سبق في (كيفية صلاة نافلة الليل والنهار).
([1]) المغني (3/248)، زاد المعاد (1/440)، الإنصاف (2/405)، نيل الأوطار (2/570)، منحة العلام (4/53).