وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ H الْمَدِينَةَ, وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا. فَقَالَ: «قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى, وَيَوْمَ الْفِطْرِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
تخريج الحديث:
حديث أنس I: رواه أحمد (3/102)، وأبو داود (1134)، والنسائي (3/179)، وإسناده صحيح.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: الغسل والتزين يوم العيد([1]):
لا خلاف بين العلماء أنه يستحب الاغتسال يوم العيد، وقد جاءت فيه أحاديث لا تصح، لكن ثبت عن بعض الصحابة أنهم كانوا يغتسلون للعيد، منهم علي بن أبي طالب، وقياسًا على الجمعة بما يحصل من اجتماع للناس.
ويشرع الاغتسال ليوم العيد من ليلة العيد، وذلك لقصر الوقت وضيقه بين طلوع الفجر وحضور صلاة العيد، وهو مذهب المالكية، والأصح عن الشافعية، وهو المنصوص عن الإمام أحمد.
والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه يستحب التزين يوم العيد بالتطيب ولبس الجميل، فقد روى ابن خزيمة (1766)، والبيهقي (3/247) عن جابر I قال: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ H جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ»، وإسناده ضعيف. وروى الطبراني في الأوسط (7609) عن ابن عباس L قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ»، وهذا كذلك إسناده ضعيف.
ويُغني عنهما: ما جاء في الصحيحين عن ابن عمر L قال: «وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ H فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ»، ففيه: دليل على لبس الجميل من الثياب في العيد.
المسألة الثانية: التهنئة يوم العيد([2]):
ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب التهنئة بالعيد، فقد جاء عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا في الأعياد يقولون: «تقبل الله منا ومنكم» أو «ومنك»، قال أحمد: «إسناده جيد». وليس للتهنئة بالعيد صيغة معينة، وإنما بحسب ما اعتاد عليه الناس ما لم يكن مخالفًا للشرع، كـ«عيد مبارك» أو «كل عام وأنتم على خير»، وأحسنه ما جاء عن الصحابة.
وأما المعانقة يوم العيد؛ فأجازها بعضهم، ولا تنكر إذا فعلت من باب العادات. أما فعلها على أنها سنة في العيد؛ فلا دليل عليه. وأما المصافحة؛ فهي مستحبة في أي وقت.
المسألة الثالثة: اللعب يوم العيد([3]):
يستحب إظهار السرور والفرح والانبساط يوم العيدين، بما لا يخالف الشرع، فعن أنس I قال: «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ H الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ»، أي: أن الله قد جعل لكم عيدين أفضل من هذين العيدين الذين هما من أعياد الجاهلية، والبديل يوم الأضحى ويوم الفطر، وهذا من سعة ويسر الشريعة أبطلت شيئًا وجاءت بالبديل.
واللعب بالحراب يستحب في يوم العيد؛ لأنه مما يتعلم به الفروسية، ويتمرن به على الجهاد.
([1]) المغني (3/257، 370)، الأوسط (4/256، 264)، المجموع شرح المهذب (2/202)، (5/11)، بداية المجتهد (1/216)، فتح الباري لابن رجب (8/414)، (9/72)، فتح الباري (3/154).
([2]) المغني (3/294)، الإنصاف (2/441)، مجموع الفتاوى (2/253)، الموسوعة الفقهية (14/99)، أسئلة وأجوبة عن صلاة العيد للعثيمين (ص/7).
([3]) فتح الباري لابن رجب (8/422)، سبل السلام (2/144)، فتح ذي الجلال والإكرام (5/192).