الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ،

وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ،
5

وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ J قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ H وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ, بِمَاءٍ وَسِدْرٍ, وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا, أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ»، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ, فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ. فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا».

وَفِي لَفْظٍ ِللْبُخَارِيِّ: فَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ, فَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا.

تخريج الحديث:

حديث أم عطية: رواه البخاري (1253، 1255)، ومسلم (939).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: صفة تغسيل الميت([1]):

أولًا: عصر بطن الميت.

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يستحب عصر بطن الميت في أول الغسل؛ ليؤمن من خروج شيء من بطنه إلى كفنه، وليحصل له كمال النقاوة والتنظيف، مع تجنب المبالغة وإيذاء الميت، وهذا العصر لبطنه ليس فيه سنة تتبع، وإنما استحبه جماعة من أهل العلم -كمالك وأحمد والشافعي-؛ لما فيه من المصلحة، فهو أمر حسن، وإن ترك فلا شيء فيه.

ثانيًا: توضئة الميت.

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن الميت يوضأ قبل تغسيله، فقد قال النبي H للنسوة اللآتي غسلن ابنته: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا».

والصحيح: أن الميت يمضمض وينشق عند الوضوء، لأن المضمضة والاستنشاق من الوضوء، ولكن بدون تكلف وإيذاء، فيُدخَل الماء إلى فم وأنف الميت بدون مبالغة، ويميَّل رأسه حتى لا يصل الماء إلى بطنه، وهو مذهب المالكية والشافعية وغيرهم.

ثالثًا: عدد غسلات الميت.

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن الواجب غسلة واحدة تعم جميع بدن الميت، ويستحب أن يغسَّل ثلاث غسلات، فغسلة واحدة تجزئ كما تجزئ في الغسل الواجب في أثناء الحياة، كغسل الجنابة وغسل الحيض، ويستحب أن يُغسَّل الميت ثلاث غسلات؛ لما جاء أن النبي H قال لمن غسل ابنته: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا»، فثلاث غسلات أفضل وأكمل.

وليس في عدد الغسلات حد معين على الصحيح من أقوال أهل العلم، وإنما بحسب الحاجة والمصلحة، فيغسَّل حتى ينقى وتتحقق النظافة، وتكون وترًا، فقد جاء في حديث أم عطية J قال النبي H لمن غسل ابنته: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ». وهو مذهب المالكية والشافعية، ووجه للحنابلة، واختاره ابن حزم الظاهري، فأقل الغسلات المجزئة واحدة، وأكثرها لا حد له.

رابعًا: تقديم الميامن في غسل الميت.

يستحب البدء بغسل رأس الميت، ثم يغسل الشق الأيمن، ثم الأيسر، ففي حديث أم عطية J قال النبي H: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا»، ففيه: تقديم الجهة اليمنى على الجهة اليسرى عند تغسيل الميت، وهذا محل اتفاق بين العلماء. ولأن الحي إذا اغتسل يستحب له البدء بالجهة اليمنى ثم اليسرى، فكذلك الميت إذا غسِّل.

خامسًا: إضافة السدر والكافور للماء الذي يغسَّل به الميت.

لا خلاف بين أهل العلم في استحباب استخدام السدر -أو ما يقوم مقامه من المنظفات- والكافور عند تغسيل الميت.

والصحيح: أن السدر يضاف إلى الماء في جميع الغسلات، وهو مذهب الإمام أحمد والظاهرية، وقول بعض المالكية، فالغسلات كلهن يكن بالماء والسدر، وقد دل على هذا حديث أم عطية J، ففيه: أن النبي H قال: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»، فظاهره: أن السدر يضاف إلى الماء في جميع الغسلات. والسدر مادة منظفة كالصابون.

وأما الكافور؛ فلا خلاف بين أهل العلم في أنه يضاف إلى الماء في الغسلة الأخيرة، ففي حديث أم عطية J أن النبي H قال: «وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا»، أي: في الغسلة الأخيرة. والكافور: نوع من الطيب يُدَق دقًّا.

سادسا: ضفر شعر المرأة ثلاثة قرون وإلقاءه خلفها.

جاء في حديث أم عطية J: «فَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، فَألقَيْنَاهُ خَلْفَهَا»، أي: جعلن شعرها ثلاثة قرون، وأُلقي من خلفها، وهذا فُعَل لابنة النبي H عندما غسِّلت في عهده H؛ فدل ذلك على استحبابه، ولم ينكره رسول الله H، فكان إقرارًا منه عليه، وهو مذهب جمهور العلماء.

ومعنى قوله: «فَألقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ»: أي: ألقى النبي H إلى من يغسلن ابنته حقوه: أي إزاره.

وقوله: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» أي: اجعلنه على جسدها تحت الأكفان.

المسألة الثانية: من عُجِز عن تغسيله من الأموات([2]):

لما فيه من الجروح، أو الحروق، أو خيف من تهري لحمه -تساقط اللحم-

اختلف العلماء في كيفية تطهير الميت في هذه الحالة:

فقال بعضهم: يغسَّل بصب الماء عليه بدون دلك.

وقال بعضهم: ييمم لأن التيمم يعتبر بديلًا عن الغسل عند عدم الاستطاعة له، كالحي إذا عجز عن استخدام الماء للطهارة؛ فإنه يتيمم، ولأنه إذا صب عليه الماء ربما تضرر.

وقال بعض أهل العلم: لا يغسل خشية المضرة، ولا ييمم لعدم وجود الدليل عليه؛ فيترك على حالته.

والصحيح من هذه الأقوال: القول الثاني أنه ييمم، فغسل الميت لغير نجاسة أصابته كغسل الجنابة، فينوب عنه التيمم، وهو مذهب الشافعية، والصحيح عند الحنابلة.

 

([1]) المغني (3/372-379)، الأوسط (5/326-332)، المحلى [مسألة] (568)، بداية المجتهد (1/230)، فتح الباري (3/464، 467، 471).

([2]) المجموع شرح المهذب (5/178)، الأوسط (5/355)، المغني (2/540)، الإنصاف (2/505).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة