وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ: «السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ, وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ, أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
595 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ L قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ H بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ, فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ, يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ, أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ, وَقَالَ: حَسَنٌ.
تخريج الحديثين:
حديث بريدة I: رواه مسلم (975)
وحديث ابن عباس L: رواه الترمذي (1053)، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان، ضعيف. وتشهد له مجموعة أحاديث في مسلم وغيره، بنحوه من حديث بريدة وعائشة وأبي هريرة M.
فقه الحديثين:
المسألة الأولى: الدعاء والسلام للميت عند زيارته([1]):
قال العلماء: يستحب السلام على الميت والدعاء له عند زيارته في المقبرة، فقد كان رسول الله H يفعل ذلك إذا زار المقابر، فيجمع بين السلام على الأموات والدعاء لهم، كما في حديث بريدة وابن عباس M، وفي صحيح مسلم عن عائشة J قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ H يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ»، وحيث إن الدعاء يصل الميت بإجماع العلماء.
المسألة الثانية: قراءة القرآن عند القبر([2]):
قراءة القرآن من الزائر عند قبر الميت يعتبر بدعة مكروهة، وعليه جمهور أهل العلم كأبي حنيفة ومالك، وهو الذي رواه أكثر أصحاب أحمد عنه؛ لأن رسول الله H والصحابة لم يفعلوه، ولو كان خيرًا لفعلوه، ولم يعلم رسول الله H أحدًا أن يفعله كما علمهم السلام والدعاء للميت، مع حرص الصحابة على نفع الأموات، وقد قال الإمام مالك: «ما علمت أحدًا يفعل ذلك»، وقال ابن تيمية: «لا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام»، وقد صرح بعض الشافعية بأنه بدعة.
وقد روى البيهقي (4/56) عن ابن عمر L أنه كان يستحب ذلك، وإسناده ضعيف، ففي سنده انقطاع، وفيه رجل مجهول([3]).
([1]) المغني (3/517)، المجموع شرح المهذب (5/311)، الاستذكار (8/308)، المحلى [مسألة] (601).
([2]) المجموع شرح المهذب (5/311)، المغني (3/518)، الفتاوى الكبرى (1/177)، الإخبار العلمية (ص/137)، اقتضاء الصراط المستقيم (2/263)، زاد المعاد (1/146)، مغني المحتاج (1/330).
([3]) ضعف هذا الأثر الألباني في أحكام الجنائز (ص/243).