الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ,

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ,
6

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ L قَالَ: كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ H صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ».

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «أَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ».

وَلِأَبِي دَاوُدَ: «لَا أُخْرِجُ أَبَدًا إِلَّا صَاعًا».

تخريج الحديث:

حديث أبي سعيد I: رواه البخاري (1506)، ومسلم (985).

وقَوْلُهُ: «قَالَ أَبُو سَعِيدٍ... إلخ» انفرد به مسلم (7/54)، ولفظ أبي داود (1618) «لَا أُخْرِجُ أَبَدًا إِلَّا صَاعًا». وإسناده صحيح.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: مما تخرج زكاة الفطر([1]):

ذهب جمهور أهل العلم إلى أن زكاة الفطر تخرج من غالب قوت البلاد، ففي حديث أبي سعيد الخدري I: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ H صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، ولفظ «طعام» عام يقصد به ما يؤكل ويطعم، وقد جاء عند ابن خزيمة (2418) عن أبي سعيد I قال: «صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ» مكان قَوْلُهُ: «صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، وهي زيادة ضعيفة شاذة، صرح الأئمة بأنها غير محفوظة، وقد جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري I قال: «فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ»، أي: الحنطة جاءت من بلاد الشام، فيفهم منه: أن الحنطة إنما جاءت بعد زمن النبي H.

وكان الصحابة يخرجونها في عهد النبي H من التمر والشعير والزبيب والأقط - وهو اللبن المجفف -؛ لأن هذه الأصناف كانت غالب قوتهم، فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري I قال: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ H يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَكَانَ طَعَامَنَا يَومَئِذٍ الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ».

ومذهب الظاهرية، والمشهور عند الحنابلة: أنها لا تكون إلا من الأصناف المنصوص عليها، ولو كان قوت البلاد من غيرها؛ لأنها التي كانت تخرج على عهد رسول الله H.

وما ذهب إليه جمهور أهل العلم هو الراجح، وفيه تيسير على الناس، فلا بأس بإخراجها من الأرز، فهو من غالب قوت الناس في هذه الأزمنة([2]).

المسألة الثانية: مقدار ما يجب على كل فرد في زكاة الفطر([3]):

لا خلاف بين أهل العلم أن الواجب على كل فرد أن يخرج صاعًا من طعام؛ لما جاء في حديث أبي سعيد وابن عمر M.

واختلفوا في البر -الحنطة أو القمح-؛ فقال جمهور أهل العلم: الفرد يخرج عن نفسه صاعًا من بر كبقية الأصناف، ففي حديث أبي سعيد: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ H يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، وقال: «فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ، قَالَ معاوية: إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ»، فبين أبو سعيد أن هذه القيمة للبر إنما هي من اجتهاد معاوية I، وليست من أمر رسول الله H، فلم يقبلها أبو سعيد I ولم يعمل بها.

والأحاديث التي فيها إخراج نصف صاع من بر ضعيفة.

وقال جماعة من السلف، وفقهاء الحنفية، وجماعة من المحققين، كابن تيمية وابن القيم والألباني: زكاة الفطر نصف صاع من بر على الفرد الواحد، فقد روى ابن أبي شيبة (2/397)، وأحمد (6/347)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/403) عن أسماء بنت أبي بكر L قالت: «كنت أخرج زكاة الفطر في عهد النبي H عن كل حر أو مملوك صاعا من تمر أو نصف صاع من قمح» أي: بر. وهو حديث صحيح بطرقه، وله شواهد فيها ضعف([4]). وأبو سعيد الخدري I لم يعلم بهذا؛ لقلة وجود الحنطة -البر- في المدينة في زمن
رسول الله H، وغالب الموجود كان من التمر والشعير والزبيب، ثم اشتهر وجود البر في عهد معاوية I، وهو الأرجح؛ لثبوت الدليل فيه، والأحوط: أن يخرج المسلم صاعًا من البر؛ خروجا من الخلاف.

واختلف البحاث في مقدار الصاع بالكيلو جرامات:

فأقل ما قيل فيه: إنه يساوي اثنين كيلو جرام. وأكثر ما قيل فيه: إنه يساوي ثلاثة كيلو جرام، وهو الأحوط، وهو تقدير علماء اللجنة الدائمة.

المسألة الثالثة: إخراج زكاة الفطر نقودًا([5]):

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن زكاة الفطر تخرج من الطعام، ولا تخرج من قيمتها نقودًا، فهو الذي كان يفعل على عهد النبي H، واستمر عمل الصحابة بعده عليه، ولم ينقل عن النبي H أنه فرضها صاعًا من تمر أو ما يعادله من القيمة، وصاعًا من شعير أو ما يعادله من القيمة.

والمشهور عند الحكومات الإسلامية العصرية: أنها تأخذها بالقيمة، وهو اجتهاد لأهل العلم قديمًا وحديثًا، وهو مذهب الحنفية، فإذا أخذوها نقودًا أجزأت، والأفضل: أن يخرجها المزكي مرة أخرى من الحبوب.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (6/130)، المغني (4/292)، الحاوي الكبير (8/377)، فتح الباري (4/146)، مجموع الفتاوى (25/68)، الإنصاف (3/181).

([2]) فتاوى اللجنة الدائمة (9/370).

([3]) المحلى [مسألة] (704)، شرح مسلم (7/53)، طرح التثريب (4/52)، زاد المعاد (2/19)، فتح الباري (4/146)، فتح باب العناية (1/544)، تمام المنة (ص/387).

([4]) نصب الراية (2/406).

([5]) المغني (4/295)، المحلى [مسألة] (708)، المجموع شرح المهذب (6/144)، شرح مسلم (7/52).

6 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة