الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ; أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ يَسْأَلَانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ,

وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ; أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ يَسْأَلَانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ,
9

وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ; أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ H يَسْأَلَانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ, فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ, فَقَالَ: «إِنْ شِئْتُمَا, وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ, وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَوَّاهُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ.

تخريج الحديث:

هذا الحديث رواه أحمد (4/225)، وأبو داود (1633)، والنسائي (5/99) عن رجلين من أصحاب النبي H، وإسناده صحيح، وإبهام الصحابي لا يضر؛ فكلهم عدول.

فقه الحديث:

المسألة الأول: الزكاة على الغني([1]):

أجمع العلماء على أن الزكاة لا تحل لغني، إلا من نص الشرع على حلها له، كالمجاهد والعامل عليها، فقد ثبت عن النبي H أنه قال: «وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ»، أي: لا نصيب فيها لغني.

والغني عند جمهور أهل العلم الذي لا تحل له الزكاة: هو من كان معه دخل يكفيه لطعامه وشرابه وكسوته وسكن لنفسه ومن يعول.

فلا تحل الزكاة إلا لغير غني، وهو من ليس عنده ما يكفيه ومن يعول من الحاجات الأساسية، وهي الطعام والشراب والكساء والمسكن، فيعطى من الزكاة ما يكفيه ومن يعول لعام كامل، لأن الزكاة تتكرر كل عام غالبًا، فيعطى بقدر حاجته في السنة، مثلًا: رجل عنده وظيفة وعنده راتب شهري ثلاثون ألفًا، ونفقته ومن يعول في الشهر الواحد خمسون ألفًا، فيحتاج في كل شهر زيادة مال فوق راتبه قدر عشرين ألفًا لتحصل كفاية له ولمن يعول، فيحتاج في السنة إلى مائتين وأربعين ألفًا، فيعطى من الزكاة هذا القدر ولا يزاد عليه. وهو قول جمهور العلماء، وهو الراجح، وعليه علماء اللجنة الدائمة وابن عثيمين([2]).

المسألة الثانية: الغني بنفقة له لازمة على غيره([3]):

كزوجة فقيرة وزوجها غني، وابن فقير وأبوه غني، فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن هؤلاء لا تحل لهم الزكاة؛ لاستغنائهم بغيرهم ممن يجب عليه أن ينفق عليهم، فهو غني بغنى من ينفق عليه، وإن لم يكن غنيًّا بنفسه.

المسألة الثالثة: الزكاة على القادر على الكسب([4]):

الصحيح الذي عليه أكثر العلماء: أن الزكاة لا تحل لمن كان قادرًا على الكسب ولو كان فقيرًا، فقد قال النبي H: «وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ»، فلا نصيب من الزكاة لمن كان قويًّا يستطيع التكسب، بنص حديث النبي H، فإذا كان كسبه لا يكفيه؛ فيستحق من الزكاة بقدر ما يحتاج إليه، وقد قال رسول الله H: «إِنْ شِئْتُمَا»، أي: أعطيتكما، لأن الشخص قد يكون قويًّا إلا أنه لا كسب له، أو كسبه لا يكفيه.

وإذا منعه الاشتغال بالعلم عن الكسب؛ فالمنقول عن الحنابلة، والصحيح عند الشافعية: أنه يعطى من الزكاة إذا كان فقيرًا، وكان طلبه للعلم تقربًّا لله E، ولا يكون اشتغاله بالعلم لتحصيل فائدة دنيوية من جاه أو مال، فإن لم يكن كذلك؛ فلا يستحق الزكاة، وهو الصواب.

ومذهب الحنفية، ورواية للمالكية: يُعطى الفقير من الزكاة، ولو كان قادرًا على الكسب؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ...﴾، فلم تفرق بين قادر على الكسب وغير قادر.

المسألة الرابعة: صرف الزكاة للمصالح العامة([5]):

الذي عليه سائر الفقهاء: أن الزكاة لا يجوز أن تصرف في المصالح العامة، كعمارة المساجد وبناء المدارس والمستشفيات وشق الطرق، فقد حصر الله D من يستحق الزكاة في قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ [التوبة: ٦٠]، فذكره لهؤلاء الثمانية ينفي ما عداهم، فلا يجوز صرف الزكاة لغيرهم.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (6/190)، المغني (4/117)، الاستذكار (9/199)، المحلى [مسألة] (723)، فتح الباري (4/105)، المنتقى للباجي (2/152)، الإنصاف (3/319)، مجموع الفتاوى (28/571، 577)، قضايا الزكاة المعاصرة (1/347).

([2]) فتاوى اللجنة الدائمة (10/49)، الشرح الممتع (6/221).

([3]) المجموع شرح المهذب (5/229)، الإنصاف (3/253)، الموسوعة الفقهية (23/342).

([4]) المراجع السابقة في المسألة الأولى، وشرح السنة للبغوي (6/81)، فتح القدير (2/277).

([5]) المغني (4/125)، (9/306)، الاستذكار (9/223)، إكمال المعلم (5/456)، شرح مسلم (11/123)، فتح القدير (2/267).

9 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة