الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ, إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ».

عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ, إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ».
9

وَعَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ L قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ, إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ».

وَفِي رِوَايَةٍ: «وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا آلِ مُحَمَّدٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

تخريج الحديث:

حديث عبد المطلب بن ربيعة I: رواه مسلم (1072).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: دفع الزكاة لبني هاشم([1]):

لا خلاف بين أهل العلم أن الزكاة لا تحل لبني هاشم إذا كانت من غير هاشمي، والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنها لا تحل لهم أيضًا - ولو كانت من هاشمي، لعموم قوله H: «إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ»، قد روى هذا الحديث عدة من الصحابة، ولم يستثن النبي H من هذا النهي زكاة الهاشمي.

وأما ما روى الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص/175) عن العباس I قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حَرَّمْتَ عَلَيْنَا صَدَقَاتِ النَّاسِ، فَهَلْ تَحِلُّ صَدَقَةَ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ؟ قَالَ: نَعَمْ» فإسناده ضعيف جدًّا، فيه راو متروك وبعض الضعفاء.

المسألة الثانية: إذا مُنِع بنو هاشم من خمس الخمس من الغنائم([2]):

منعهم منه إما لأنه لا توجد فتوحات إسلامية، وإما ظلموا من قبل الدولة، وهذه المسألة فيها قولان عند أهل العلم:

القول الأول: تحل لهم الصدقة في هذه الحالة، وهو قول في المذاهب الأربعة، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، لأن خمس الخمس من الغنائم عوض لهم عن الزكاة، فإذا لم يعطوا العوض عادوا إلى المعوض عنه وهو الزكاة.

القول الثاني: لا تحل لهم الزكاة - أيضًا - في هذه الحالة، وهو مذهب جمهور أهل العلم؛ لعموم قوله H: «إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ»، ولأن العلة من حرمانهم من الزكاة: أنها من أوساخ الناس كما قال النبي H، فلا دليل على أنهم إذا منعوا الخمس أعطوا من الزكاة، وهو الراجح، ويعطون من جهات أخرى تحل لهم، كالهبة والهدية والصلة وصدقة التطوع كما سيأتي، ولا بأس بإعطائهم من الزكاة عند الضرورة، كما يباح أكل الميتة عندها، ولعل أهل العلم لا يختلفون في هذا، فالضرورة تبيح المحظور.

المسألة الثالثة: صدقة التطوع لبني هاشم([3]):

الصحيح الذي عليهم جمهور أهل العلم: أن صدقة التطوع تباح لبني هاشم، والمنع خاص بصدقة الفرض.

ودليلهم الآتي:

  1. أن العلة من منعهم من أخذ الصدقة أنها أوساخ الناس، كما في حديث عبد المطلب بن ربيعة، ومعنى أنها أوساخ الناس: أنها تطهير لنفوسهم وأموالهم، فهي كغسالة الأوساخ، وهذا ينطبق على الزكاة، فالمزكي يطهر نفسه بإسقاط الفرض، فيتدنس الآخذ لها كالماء المتسخ، قال الله D: ﴿ خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة: ١٠٣]، وأما النفل؛ فيتبرع المتصدق بما ليس عليه، فلا يتدنس بها الآخذ، فصدقة التطوع كمال وليست أوساخ.
  2. أن الزكاة لا تجوز للغني والقوي والكافر، وتجوز لهم صدقة التطوع، فأشبهت الهبات والهدايا، فتجوز صدقة التطوع لبني هاشم كما تجوز لهم الهبات والهدايا.
  3. أنه لا خلاف بين العلماء في إباحة صنع المعروف للهاشمي والعفو عنه وإنظاره إلى ميسرة، وقد سمى الشرع كل هذا صدقة، فقال D: ﴿ وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٞ لَّهُۥ [المائ‍دة: ٤٥]، أي: عفا عنه، وقال D: ﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٨٠ [البقرة: ٢٨٠]، أي، وضع الدين عنه، وفي الصحيحين قال رسول الله H: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»، فعليه: ليست كل صدقة تحرم على بني هاشم.

وذهب ابن حزم، وبعض الحنفية، وبعض المالكية: وأحمد في رواية: إلى أنها لا تحل لهم أيضًا؛ لعموم قوله H: «إنَّا لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ».

 

([1]) المغني (4/109)، المجموع شرح المهذب (6/227)، فتح الباري (4/122)، جامع الاختيارات الفقهية (1/400).

([2]) المراجع السابقة، والمنتقى للباجي (2/152)، حاشية الدسوقي (2/102)، فتح القدير (2/273).

([3]) المراجع السابقة، والمحلى [مسألة] (719).

9 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة