وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ أَبِيهِ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H كَانَ يُعْطِي عُمَرَ الْعَطَاءَ, فَيَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ مِنِّي, فَيَقُولُ: «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ, أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ, وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ, وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ, وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عمر: رواه مسلم (1045)، وهو في البخاري (1473)، ومسلم (1045) من حديث عمر بن الخطاب I.
فقه الحديث:
مسألة: من جاءه مال بغير مسألة ولا استشراف([1]):
من حصل على مال دون مسألة له ودون استشراف – أي: بدون تطلع وحرص عليه -؛ فإنه مأمور شرعًا بأخذه ما لم تكن هنالك مفسدة، فقد جاء عن عمر I: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H كَانَ يُعْطِيه العَطَاءَ، فَيَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ مِنِّي، فَيَقُولُ: خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ»، قَوْلُهُ: «فخذه» هذا أمر بقبول العطاء، قَوْلُهُ: «وما لا فلا تتبعه نفسك» أي: وما لم يأتك من هذا المال فلا تعلق نفسك به، ولا تحرص عليه ليحصل الافتقار الكامل لله E، ويظهر الزهد في الدنيا.
واختلف العلماء في حكم هذا الأمر:
فقال بعضهم: يجب عليه أخذ هذا المال؛ لظاهر الأمر.
وقال جمهور أهل العلم: لا يجب أخذه، ففي الصحيحين عن حكيم بن حزام I قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أحدًا بَعْدَكَ شَيْئًا»، أي: لا أقبل من أحد عطية أبدًا، فكان يعطيه العطاء أبو بكر وعمر فلا يقبله، ولم ينكر عليه النبي H، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه أثّم حكيمًا، فعليه: يكون الأمر بالأخذ في حديث عمر I للندب، وهو الراجح.
([1]) شرح مسلم (7/120)، فتح الباري (4/100).