وَعَنْ عَائِشَةَ J: أَنَّ النَّبِيَّ H اكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ, وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ.
تخريج الحديث:
حديث عائشة J: رواه ابن ماجه (1678) وإسناده ضعيف، ففيه سعيد ابن عبد الجبار الزبيدي، ضعيف، وقول الترمذي: «لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ» أي: في الاكتحال للصائم.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: الكحل للصائم([1]):
لا يفسد الاكتحالُ الصومَ ولو وجد الصائم طعمه في الحلق، لأن العين ليست منفذًا أساسيًّا للجوف كالفم، وما تسّرب عن طريق العين إلى الحلق لا يسمى أكلًا ولا شربًا، ولا هو بمعنى الأكل ولا الشرب، ولا دليل يدل على أن استخدام الكحل يفطر الصوم، والأصل عدم فساد الصوم، وقد ذكرت عائشة J: «أَنَّ النَّبِيَّ H اِكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ صَائِمٌ»، وهو مذهب الحنفية والشافعية والظاهرية وغيرهم، واختاره علماء اللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين([2])، والأحوط: ترك الاكتحال والقطر للمداواة على العين في أثناء الصيام، حتى لا يصل إلى جوفه، وإذا استخدمه وهو صائم ووصل إلى جوفه؛ فالأحوط قضاء الصوم.
المسألة الثانية: إدخال الشيء من الأنف إلى الجوف([3]):
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن من أدخل شيئًا من أنفه كالماء أو الدواء عامدًا وهو صائم، فوصل إلى جوفه أن صومه يبطل، خلافًا للظاهرية، وذلك لأن الأنف منفذًا أساسيًا إلى الجوف كالفم، وقد روى أحمد (4/32)، وأبو داود (2386) وغيرهما عن لقيط بن صبرة I قال: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ H: إِذَا تَوَضَّأْتَ فَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا»، وإسناده صحيح، فالغرض من منع الصائم من المبالغة في الاستنشاق: حتى لا يصل الماء إلى حلقه، وبالتالي إلى جوفه، وهذا واضح جدًّا.
المسألة الثالثة: التقطير في الأذن للصائم([4]):
اختلف العلماء في الدواء أو الدهن أو القطَر توضع على الأذن، فيجد الصائم طعمها في حلقه على قولين:
القول الأول: مذهب جمهور أهل العلم: أن صومه يفسد، فالأذن تعتبر منفذًا أساسيًّا يوصل إلى الحلق كالأنف، فبين الأذن والحلق ممر، كما بين الأنف والحلق، فخالف ما يوضع على العينين، على القول بأنها ليست منفذًا يوصل إلى الحلق.
القول الثاني: مذهب الظاهرية، وبعض الشافعية، والذي اختارته اللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين: أن ما يصل عن طريق الأذن إلى الحلق لا يعتبر مفطرًا، فليس هو بأكل ولا شرب، ولا بمعنى الأكل والشرب، فأشبه ما يتسرب عن طريق الجلد إلى البدن كالماء والدهن والإبرة غير المغذية عند كافة العلماء، وليست الأذن منفذًا إلى الحلق، وإنما هي مسام كمسام الجلد والعين، والأصل بقاء الصوم، ولا دليل على فساد الصوم بما يصل عن طريق الأذن إلى الحلق.
والأقرب ما عليه جمهور أهل العلم، فالمشهور أن بين الأذن والحلق قناة، وليست مسامًا؛ فأشبه الأنف.
([1]) المغني (4/253)، المجموع شرح المهذب (6/348)، المحلى مسألة (753)، مجموع الفتاوى (25/242)، الإنصاف (3/299).
([2]) فتاوى اللجنة الدائمة (10/253)، الشرح الممتع (6/37).
([3]) المجموع شرح المهذب (6/320)، كتاب الصيام من شرح العمدة لابن تيمية (1/385)، مواهب الجليل (3/347)، المحلى (4/347).
([4]) المحلى مسألة (753)، المجموع شرح المهذب (6/314)، كشاف القناع (2/318)، فتاوى إسلامية (2/141)، فتاوى أركان الإسلام (ص/479).