الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ, فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ, فَصَامَ النَّاسُ,

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ, فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ, فَصَامَ النَّاسُ,
5

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ L; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ, فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ, فَصَامَ النَّاسُ, ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ, حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ, ثُمَّ شَرِبَ, فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ. قَالَ: «أُولَئِكَ الْعُصَاةُ, أُولَئِكَ الْعُصَاةُ».

وَفِي لَفْظٍ: فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ, وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَشَرِبَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(673) 24- وَعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ L; أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ, فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ? فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ H «هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ, فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ, وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(674) 25- وَأَصْلُهُ فِي «الْمُتَّفَقِ» مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو سَأَلَ.

تخريج الأحاديث:

حديث جابر I: رواه مسلم (1114) باللفظين المذكورين.

حديث حمزة بن عمرو الأسلمي I: رواه مسلم (7/2004).

حديث عائشة J، قالت: «سَأَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ رَسُولَ اللَّهِ H عَنِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ؟، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ»، رواه البخاري (1943)، ومسلم (1121).

فقه الأحاديث:

المسألة الأولى: الصوم والفطر للمسافر([1]):

لا خلاف بين أهل العلم أنه يشرع للمسافر الإفطار في نهار رمضان، وقد تواترت الأدلة الشرعية على ذلك.

واختلفوا في حكم الصوم له، والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه يستحب للمسافر الصوم في رمضان إذا قوي عليه، ولم تترتب على صومه مفسدة.

ودليله:

  1. ما جاء في الصحيحين عن أبي الدرداء I قال: «خَرَجْنَا مَعَ
    رَسُولِ اللَّهِ
    H فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ،... وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ H وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ»، فحرص رسول الله H على صيام رمضان في سفره مع شدة الحر، لأنه الأفضل للمسافر.
  2. ما رواه مسلم عن أبي سعيد I قال: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، فَلَا يَعِيْبُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ»، ففيه أن الصوم للمسافر أحسن إذا قوي عليه ولم يشق عليه.
  3. أن الصيام في رمضان أداء والصوم في غير رمضان قضاء، والأداء مقدم على القضاء.

ونسب النبي H العصيان لمن صام في رمضان في فتح مكة لأنه يشق عليهم الصوم وهم في مواجهة عدو، فأفطر النبي H ليفطر غيره، فمن صام حينها فهو عاص لأمره، قال جابر I: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَشَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، قَالَ: أُولَئِكَ العُصَاةُ».

وما جاء في الصحيحين أن النبي H قال: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ»، فيحمل هذا على من شق عليه الصوم وتضرر به في سفره، فقد قال النبي H هذه المقولة عندما رأى رجلًا قد اجتمع الناس عليه وقد ظُلِّل عليه. وقوله H لحمزة بن عمرو الأسلمي: «فَمَنْ أَخَذَ بِهَا، -يعني: رخصة الإفطار - فَحَسَنٌ» لا يلزم منه أن الصيام لمن قوي عليه ليس بحسن، فقد كان النبي H يصوم في سفره، فالصوم - أيضًا - في السفر حسن، والله أعلم.

وأما من شق عليه الصوم في السفر أو خشي الوقوع في مفسدة من وراء صومه؛ فالأفضل له الإفطار، وقد يجب عليه ذلك.

المسألة الثانية: الصوم والفطر للمريض([2]):

لا خلاف بين العلماء على جواز الفطر للمريض في رمضان، فقد قال الله D: ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: ١٨٤].

والمرض الذي يبيح الفطر في رمضان عند جمهور أهل العلم: هو الذي يشق معه الصوم، كالصلاة تسقط أركانها عند عدم القدرة على أدائها، ففي البخاري عن عمران بن حصين I قال: «كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ H عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»، فعلى هذا: إذا لم يشق الصوم على المريض في رمضان؛ فيلزم عليه الصوم، كصداع أو وجع في الأسنان أو جرح يسير في عضو من أعضائه، وهو الصحيح.

المسألة الثالثة: الصوم والفطر للحامل والمرضع([3]):

لا خلاف بين أهل العلم أن الحامل أو المرضع يجوز لها الفطر في نهار رمضان، إذا خشيت على نفسها أو ولدها الضرر، فقد روى الإمام أحمد (4/347)، وأبو داود (2408) وغيرهما عن أنس الكعبي I قال: قال
رسول الله H: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَعَنِ الْحَامِلِ أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ»، وإسناده صحيح.

ويلزم عليهما القضاء إذا أفطرتا عند أكثر أهل العلم، وهو الأصح؛ لأنهما أفطرتا لعذر ويقدران على القضاء، فأشبهتا المسافر والمريض والحائض، فكلهم أفطر لعذر، ووجب عليه القضاء.

ولا يجب عليهما مع القضاء الإطعام مطلقًا، وهو مذهب جماعة من السلف والحنفية، وبعض المالكية، وبعض الشافعية، وهو اختيار علماء اللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين([4])، فليس هنالك نص من الشرع على وجوب الإطعام على الحامل أو المرضع إذا أفطرتا، وما جاء عن بعض الصحابة من إلزامهما بالإطعام؛ فهو اجتهاد منهم، وهو الأرجح، والأفضل لهما الإطعام مع قضاء الصوم؛ عملًا بما جاء عن بعض الصحابة، وخروجًا من الخلاف.

المسألة الرابعة: إذا طهرت الحائض أو صح المريض أو قدم المسافر في نهار رمضان([5]):

لا يجب عليهم إمساك بقية اليوم؛ لأنه عبادة وقتها متصل من الفجر إلى غروب الشمس، فلو أفطر أوله وصام بقيته؛ لم يصح صومه، فلا حاجة إذًا - إلى إيجاب الإمساك عليه بقية النهار، وحرمة رمضان مرفوعة عنهم؛ لوجود العذر، فليس الصيام في حقهم محترمًا، وهو مذهب المالكية والشافعية والظاهرية، ورواية للحنابلة، وهو الراجح.

ومذهب الحنفية، والصحيح عند الحنابلة: أنه يجب عليهم إمساك بقية النهار؛ لأن عذرهما المبيح للفطر قد زال، وأيضًا لحرمة رمضان.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (6/264)، مجموع الفتاوى (25/210)، فتح الباري (4/693)، الإنصاف (3/287)، الشرح الممتع (6/342).

([2]) شرح مسلم (8/18)، المغني (4/389)، فتح الباري (9/34)، فتح القدير (2/350).

([3]) المجموع شرح المهذب (6/268)، بداية المجتهد (1/301)، المغني (4/339)، فتح القدير (2/355)، تفسير الطبري (3/425)، مواهب الجليل (3/383).

([4]) فتاوى اللجنة الدائمة (10/219)، الشرح الممتع (6/347).

([5]) المحلى مسألة (760)، المجموع شرح المهذب (6/262)، المغني (4/387)، الإنصاف (3/283)، الشرح الممتع (6/335).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة