وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ L قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ سَبْعِينَ خَرِيفًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
تخريج الحديث:
حديث أبي سعيد I: رواه البخاري (2840)، ومسلم (1153).
فقه الحديث:
مسألة: الإكثار من صوم التطوع وأفضل التطوع([1]):
أجمع العلماء على استحباب الإكثار من صوم التطوع؛ لما فيه من الفضل، فقد قال رسول الله H: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله إِلَّا
بَاعَدَ الله بِذَلِكَ اليَوْمِ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
قوله: «يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله» قيل: معناه: وهو يجاهد الكفار، فسبيل الله عند الإطلاق: هو الجهاد.
وقيل: معناه: أي صام قاصدًا وجه الله E في جهاد أو في غيره، وهذا أقرب، ففضل الله واسع.
ومعنى «بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أي: باعد بين الصائم والنار يوم القيامة مسافة سبعين عامًا، وذكر الوجه خاصة؛ تشريفًا له.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة I قال رسول الله H: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ : إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ».
والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن أفضل الصوم صوم يوم وإفطار يوم، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو L قال له رسول الله H: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ»،
وسيأتي بعد ذلك الكلام على صيام الدهر.
([1]) شرح مسلم (8/34)، المغني (4/445)، المحلى مسألة (790)، فتح الباري (4/741).