الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, عَنْ أَبِيهِ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ, وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ,

عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, عَنْ أَبِيهِ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ, وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ,
4

وَعَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, عَنْ أَبِيهِ; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ, وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ, وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مُرْسَلًا, وَرُجِّحَ.

تخريج الحديث:

حديث كعب بن مالك: رواه أبو داود في «المراسيل» (172)، والدرقطني (4/230)، والحاكم (2/58)، والبيهقي (6/48)، وقد روي متصلًا ومرسلًا، والصواب فيه الإرسال كما قاله بعض الحفاظ([1]).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الحجر على المفلس([2]):

قال جمهور العلماء: إذا طلب غرماء المفلس من الحاكم أن يحجر على المفلس؛ فإنه يجيبهم لذلك، فيمنعه من التصرف في ماله ببيع أو هبة أو وقف أو غيرها، فإن «رَسُولَ الله H حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ، وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ»، ولأن حقوق الغرماء تعلقت بأعيان ماله، فكان المطلوب منعه من التصرف فيها حتى لا يضر بالغرماء، وهذا هو الراجح.

المسألة الثانية: الحجر على السفيه([3]):

هو المبذر المضيع لماله، والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يجوز الحجر على السفيه؛ لأنه ينفق ماله في غير مصلحة دينية أو دنيوية، وقد نهى الشرع عن التبذير وإضاعة المال، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي
جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِيهَا وَٱكۡسُوهُمۡ
[النساء: ٥]، فنهى الله تعالى عن إعطاء السفهاء المال، ولم يجعل لهم إلا أن يرزقوا منها في الأكل ويكسوا.

وقد روى أحمد (3/217) وغيره عن أنس I: «أَنَّ رجلًا كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، وَكَانَ يُبَايِعُ، وَأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ H فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، احْجُرْ عَلَيْهِ، فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللهِ H فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ»، وإسناده حسن.

وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن الزبير L أراد أن يحجر على خالته عائشة J فقال: «وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا»، فلو كان الحجر محرمًا لما هم به ابن الزبير L.

وروى البيهقي (6/61): «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ، أَتَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ كَذَا وَكَذَا، وَإِنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، يَعْنِي فَيَسْأَلَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيَّ فِيهِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ I: أَنَا شَرِيكُكَ فِي الْبَيْعِ وَأَتَى عَلِيٌّ عُثْمَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ I: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ فِي بَيْعٍ شَرِيكُهُ فِيهِ الزُّبَيْرُ؟!»، وإسناده حسن، فلم ينكر عثمان ولا الزبير L على علي I القول بالحجر، ولم يقم عثمان I بالحجر على عبد الله بن جعفر I؛ لأن الزبير I كان شريكه.

 وليس الحجر عليه إهدارا لكرامته، وإنما هو رحمة ومصلحة وصون لماله وتعاون معه.

المسألة الثالثة: من يحجر على المفلس والسفيه([4]):

أما السفيه؛ فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا يحجر عليه إلا الحاكم، وليس لأهله الحجر عليه إلا بقضاء الحاكم، لأن التبذير يختلف وتختلف وجهات النظر فيه، فيحتاج إلى اجتهاد وتمعن، فلم يثبت إلا بحكم الحاكم.

وأما المفلس؛ فقال جمهور العلماء: هو كذلك، لا يحجر عليه الغرماء إلا بقضاء القاضي.

وقال المالكية والإمام أحمد في رواية: يصح أن يحجر عليه الغرماء قبل قضاء القاضي، حفاظًا على حقوقهم، وهو الأرجح، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين

 

([1]) الضعفاء للعقيلي (1/68)، الإرواء (1435).

([2]) المغني (6/570)، المحلى مسألة (1394)، بداية المجتهد (2/284)، فتح باب العناية (3/409)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/4509).

([3]) المحلى مسألة (1394)، تفسير ابن جرير الطبري (7/560)، تفسير القرطبي (5/26)، المغني (6/595)، بداية المجتهد (2/279)، مجموع الفتاوى (31/32، 60).

([4]) المغني (6/610)، الإنصاف (5/281)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/4500، 4511).

4 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة