وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ يَوْمَ أُحُدٍ, وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً, فَلَمْ يُجِزْنِي, وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ, وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً, فَأَجَازَنِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ: «فَلَمْ يُجِزْنِي, وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ». وَصَحَّحَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(873) 07- وَعَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيِّ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ, وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ, فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ فَخُلِّيَ سَبِيلِي. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
تخريج الحديثين:
حديث ابن عمر L: رواه البخاري (2664)، ومسلم (1868)، وقوله: «فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ» رواه ابن حبان (4728)، والبيهقي (6/55)، وظاهر إسناده الصحة، وقال المصنف في فتح الباري([1]): «زيادة صحيحة لا مطعن فيها».
حديث عطية القرظي I: رواه احمد (4/310)، وأبو داود (4404)، والترمذي (1584)، والنسائي في الكبرى (8621)، وابن ماجه (2541) وغيرهم، وإسناده صحيح.
فقه الحديثين:
المسألة الأولى: علامات البلوغ عند الذكر والأنثى([2]):
العلامة الأولى: إنزال المني، وهي علامة على البلوغ بإجماع العلماء، سواء خرج المني في يقظة أو منام، بجماع أو احتلام.
العلامة الثانية: الحمل أو الحيض، وهما علامتان لبلوغ المرأة بلا خلاف بين العلماء.
العلامة الثالثة: نبات الشعر الخشن حول ذكر الرجل أو فرج المرأة.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن ظهور الشعر الخشن حول العانة علامة على بلوغ الذكر والأنثى، فقد جاء عن عطية القرظي I أن الصحابة حكموا على يهود بني قريظة أن من أنبت شعر العانة قتل، فأمرهم بقتله دليل على بلوغه، فقد صار مكلفًا، ومن لم ينبت خلي سبيله – أي: تُرِك ولم يُقتَل -؛ لأنه لم يكلف بعد، وهذا يدل على أن هذه علامة يعرف بها بلوغ الشخص.
العلامة الرابعة: بلوغ سن الخامسة عشر.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن من أتم الخامسة عشر من عمره أنه يصبح بالغًا، ولو لم ينزل الماء، ولو لم تحض الأنثى، فقد قال ابن عمر L: أن النبي H لم يجزه يوم أحد، أي: لم يأذن له بالمشاركة في القتال، وكان في الرابعة العشرة من عمره، وفي رواية: أنه قال: «وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ»، ثم أجازه يوم الخندق، أي: أذن له بالمشاركة في القتال قال: «وَأَنَا اِبْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً»، وهذا يدل على أنه كان قد بلغ، والقوة والطاقة والتحمل تحصل مع البلوغ لا قبله غالبًا.
العلامة الخامسة: ظهور شعر الشارب أو اللحية لا يعد علامة على البلوغ إذا لم يتم الصبي الخامسة عشر من عمره، وعلى هذا جمهور العلماء، وهو الراجح، فلا دليل على أن ظهور الشارب واللحية علامة على البلوغ.
المسألة الثانية: الحجر على اليتيم ومتى يفك عنه([3]):
لا خلاف بين العلماء على مشروعية الحجر على اليتيم، وهو من مات أبوه ولم يبلغ الحلم، ولا يدفع له ماله إلا بشيئين:
الأول: إذا بلغ الحلم.
الثاني: إذا آنسنا منه رشدًا، قال تعالى: ﴿ وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا فَٱدۡفَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡ ﴾ [النساء: ٦].
والرشد عند أكثر العلماء: هو الصلاح في المال دون اشتراط العدالة - أي: الصلاح في الدين -، فإذا بلغ وكان مبذرًا مضيعًا لماله حجر عليه، لأنه محجور عليه بيقين أصلًا، فلا يفك عنه إلا بيقين، ويستمر الحجر عليه حتى يؤنس منه الرشد بدون تحديد لزمن، فمتى صار يحسن التصرف في ماله؛ فك عنه الحجر، ولا تشترط عدالته؛ لعدم وجود دليل على اشتراطها، فيعطى ماله إذا بلغ وكان قادرًا على إدارة ماله، ولو كان فاسقًا.
([1]) (5/610).
([2]) إكمال المعلم (6/280)، المغني (6/597)، شرح مسلم (13/12)، فتح الباري (5/610)، تفسير القرطبي (5/24)، الفقه الإسلامي (6/4473).
([3]) المحلى (1394)، بداية المجتهد (2/279)، المغني (6/595)، الفقه الإسلامي (6/4472، 4501).