الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ... الْحَدِيثَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ... الْحَدِيثَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.
6

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ... الْحَدِيثَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.

تخريج الحديث:

حديث ابن مسعود I: رواه أبو داود (3388)، والنسائي (7/319)، وابن ماجه (2288)، وهو من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود I، ولم يسمع منه، فالسند منقطع.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: شركة الأبدان([1]):

وتسمى بـ(شركة الأعمال والصنائع)، وهي: أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم، كالصناعات من خياطة أو نجارة، وكالأعمال من صيد وغيره، فكل واحد منهما يعمل ببدنه، وما رزقهما الله من أجر يقتسمانه بينهما من دون رأس مال.

اختلف العلماء في صحتها:

فمذهب الشافعي والظاهرية وبعض الحنفية: أنها شركة فاسدة، لأنها شركة على غير مال، ولأن فيها غررًا، فلا يدري أحدهما أن صاحبها يكتسب أم لا، وقد يعمل أحدهما أقل من الآخر، وربما قام أحد الشريكين بالعمل كله دون أن يقوم شريكه بشيء، فيحصل الظلم والغبن.

وذهب جمهور العلماء إلى صحة شركة الأبدان، فقد قال ابن مسعود I: «اِشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ.. الحَدِيثَ»، وهذا كان في زمن النبي H ولم ينكر عليهم، والحديث وإن كان في سنده انقطاع فإن أبا عبيدة قد اعتنى بفتاوى أبيه، لهذا قبل حديثه عن أبيه بعض الحفاظ، ولأن المقصود منها تحصيل الربح، وهو ممكن بتوكيل كل واحد منهما لصاحبه، ولعدم وجود مانع من صحتها، ولا دليل على اشتراط أن تكون الشركة بالمال.

وهذا هو الراجح.

والربح فيها يكون على جزء مشاع على ما اتفقا عليه من مساواة أو تفاضل كما قال الفقهاء؛ لأنه يجوز تفاضلهما في العمل، فجاز تفاضلهما في الربح الحاصل منها.

المسألة الثانية: شركة العنان([2]):

هي اشتراك بدنين بماليهما، فيشتركان بماليهما على أن يعملا فيها ببدنيهما أو من ينوب عنهما.

وسميت بالعنان؛ لأن كل واحد منهما عنَّ له أن يشارك صاحبه، أي: عرض له، وقيل غير ذلك. وهي شركة جائزة بالإجماع.

والصحيح من قولي العلماء: أن الربح فيها يقسم بين الشريكين بحسب ما يتفقان عليه، فيجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين، ويجوز أن يتساويا فيه مع تفاضلهما في المال، وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في المال؛ لأن أحدهما قد يكون أبصر بالتجارة من الآخر وأقوى على العمل، فجاز له أن يشترط زيادة في الربح، ونُقل هذا القول عن جمهور العلماء.

وأما إذا أطلقا الشركة ولم يذكرا الربح؛ فإنه يكون بينهما على قدر المالين.

وأما الخسارة في هذه الشركة؛ فهي بينهما على قدر مال كل واحد منهما باتفاق الفقهاء، لأن هذا هو العدل

المسألة الثالثة: شركة الوجوه([3]):

هي أن يشترك اثنان فيما يشتريان بجاههما وثقة التجار بهما، من غير أن يكون لهما رأس مال.

وتسمى بـ«الوجه»؛ لأن المبيع يشترى نسيئة، ولا يكون هذا عادة إلا للوجيه من الناس، فيشتريان بجاههما، والجاه والوجه واحد.

وتسمى أيضًا بـ«شركة الذمم»؛ لأنهما يشتريان في ذممهما بثمن مؤجل، فهي شركة من دون صنعة ولا مال، ورأس مالهما هو ما يشترى من السلع نسيئة.

اختلف الفقهاء فيها:

فمذهب المالكية والشافعية والظاهرية: أنها شركة باطلة؛ لأن الشركة إنما تقام على مال أو عمل، وهنا لا مال ولا عمل، فلم يكن الربح نماءً للمال ولا مقابلًا للعمل.

ومذهب الحنفية والحنابلة: أنها شركة جائزة، لأنها عمل من الأعمال الصحيحة، ولأنها تتضمن توكيل كل شريك صاحبه في البيع والشراء، والناس تعاملوا بها في سائر الأزمنة من غير نكير، ولا دليل على منعها.

وهذا هو الراجح.

والربح يكون بينهما على جزء مشاع - كما تقدم - وبحسب الاتفاق.

المسألة الرابعة: شركة المفاوضة([4]):

هي تفويض كل شريك صاحبه بالشراء والبيع تفويضًا كاملًا، فكل شريك يفوض الآخر في كل تصرف مالي وبدني في كل وقت ومكان، فهي شركة شاملة لجميع أنواع الشركات من أبدان وعنان ووجوه ومضاربة، فكل واحد منهما له أن يبيع أو يشتري بناجز أو غائب وأن يقترض مالًا وأن يشارك غيره.

وهي شركة جائزة عند الحنفية والمالكية والحنابلة؛ لأنها لا تخرج عن شركة العنان والأبدان والوجوه والمضاربة، وجميعها صحيحة. قال الشيخ ابن عثيمين: «وعمل الناس حاليًا عليها».

فإن دخل فيها أيضًا - الاشتراك في الأكساب النادرة -كالميراث والهبة والركاز واللقطة- وكذلك الاشتراك في الغرامات النادرة - من ضمان متلف أو مغصوب أو أرش جناية-، أي: أن الاشتراك بينهما في كل ما لهما من الحقوق وفي كل ما عليهما من الواجبات.

فهي شركة باطلة عند جمهور العلماء؛ لما فيها من الغرر والجهالة والقمار، ولأن كل واحد يضمن ما يجب على الآخر بعدوانه، فربما غصب أحدهما ولا يبالي، لأن الغرم من مال الشركة، قال الإمام الشافعي: «لا أعلم في الدنيا شيئًا باطلًا إن لم تكن هذه الشركة باطلة». وعدم جواز هذه الشركة هو الراجح، ولعله لا يكاد يكون لها وجود.

تنبيه: الكلام على شركة المضاربة (المقارضة) سيأتي في باب مستقل إن شاء الله.

 

([1]) المغني (7/111)، المجموع شرح المهذب (14/54)، المحلى مسألة (1239)، مجموع الفتاوى (30/73، 77، 98)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3887).

([2]) المغني (7/121، 138)، بداية المجتهد (2/251، 253)، المحلى مسألة (1240، 1242)، مجموع الفتاوى (20/353)، (30/74، 99)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3901).

([3]) المغني (7/121، 139)، المجموع شرح المهذب (14/63)، بداية المجتهد (2/255)، بدائع الصنائع (6/57)، مجموع الفتاوى (30/74، 99)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3885).

([4]) المغني (7/137)، المجموع شرح المهذب (14/58)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3885، 3907)، الشرح الممتع (4/282).

6 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة