الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ أَنَسٍ; أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَكَسَرَتِ الْقَصْعَة، فَضَمَّهَا,

عَنْ أَنَسٍ; أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَكَسَرَتِ الْقَصْعَة، فَضَمَّهَا,
4

وَعَنْ أَنَسٍ; أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَهَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَكَسَرَتِ الْقَصْعَة، فَضَمَّهَا, وَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ. وَقَالَ: «كُلُوا» وَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ لِلرَّسُولِ, وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَالتِّرْمِذِيُّ, وَسَمَّى الضَّارِبَةَ عَائِشَةَ, وَزَادَ: فَقَالَ النَّبِيُّ : «طَعَامٌ بِطَعَامٍ, وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ». وَصَحَّحَهُ.

تخريج الحديث:

حديث أنس I: رواه البخاري (2481)، ورواه الترمذي (1359) مع بعض الزيادات، وإسناده صحيح.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: رد المغصوب أو بدله([1]):

أجمع العلماء على أن من غصب شيئًا وجب عليه رده إذا كان لا زال باقيًا، فإن تلف في يده لزمه بدله، فيعطي لصاحب المال مثله، فإن لم يجد ما يقاربه في الصفات وجب عليه قيمته، ولا يغرم زيادة على المثل أو القيمة، فقد قال تعالى:
﴿ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱعۡتَدُواْ عَلَيۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ [البقرة: ١٩٤]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦ [النحل: ١٢٦].

فإن كان من المكيلات، كالحبوب أو من الموزونات كالنقد، رد مثله بالإجماع.

وإن كان من غير المكيلات أو الموزونات، كالعروض والحيوان؛ فقال جماعة من العلماء: يلزمه أيضًا - رد المثل منه، ولا يقضى عليه بالقيمة إلا عند عدم المثل، ما دام أن هنالك ما يقاربه بالصفة، فقد كسرت إحدى أمهات المؤمنين قصعة فيها طعام لإحدى أمهات المؤمنين، فأعطى النبي H صاحبة القصعة المكسورة قصعة صحيحة بدلها، وقال: «طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ»، وقد سبق أن النبي H استلف بكرًا فأمر مولاه أن يقضي صاحبه بكرًا مثله، فإذا صح عند القرضِ المثل؛ فكذلك يصح عند رد بدل المغصوب.

وهذا مذهب الحنفية والظاهرية، ورواية لأحمد، واختاره ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين.

وقال جمهور العلماء: تلزمه القيمة لا المثل؛ لأن هذه الأشياء لا تتساوى أجزاؤها وتتباين صفاتها، فالقيمة فيها أعدل وأقرب إليها، وحديث الصحفة محمول على جواز ذلك عند رضى الطرفين، فقد علم النبي H أن زوجه J ترضى بذلك.

والقول الأول هو الأرجح.

المسألة الثانية: من اغتصب شيئًا ثم ضاع منه([2]):

كعبد أبق أو دابة هربت.

فعند الحنفية والمالكية: أن صاحب الحق يخير بين الصبر إلى حين رده، وبين تضمينه الغاصب، فيسلم بدله ويصير المغصوب ملكًا للغاصب؛ لأن صاحب الحق أخذ بدله، فلا يبقى له شيء.

وعند الشافعية والحنابلة: يأخذ صاحب الحق البدلَ، ومتى قدر الغاصب على استعادة المغصوب رده للمغصوب منه، لأنه ملكه ويسترد ما دفعه، لأن الضائع الذي لا يقدر على تسليمه لا يصح أن يتملك بالبيع، فلا يصح تملكه بالتضمين، وهذا القول أرجح.

المسألة الثالثة: تقدير قيمة المغصوب:

اختلف العلماء في هذه المسألة:

فقال الحنفية والمالكية والإمام أحمد في رواية: تلزمه قيمته وقت الأخذ له؛ لأنه الوقت الذي انتقل فيه المغصوب أو المسروق من يد صاحبه إلى يد الغاصب أو السارق.

والمذهب عند الحنابلة: أنه يسلم قيمته بسعر وقت استهلاكه أو تلفه، لأنه الوقت الذي وجب فيه الضمان.

وقال الشافعية: يلزمه أعلى قيمة، تشديدًا عليه، فلو أراد المالك بيعه وقت زيادة قيمته لفعل، وإنما منعه منه الغاصب أو السارق.

وللجنة الدائمة فتوى بأنه يرده بسعر يوم أخذه([3])، ولهم فتوى بأنه يرد قيمته بما يساويه الآن([4])، وكل هذه الأقوال لها وجه، ولعل قول الشافعية أجودها؛ لأن الغاصب والسارق معتدي، فاستحق التضييق عليه.

المسألة الرابعة: نقص قيمة المغصوب بسبب تغير الأسعار([5]):

قال الإمام أحمد في رواية: يضمن الغاصب أو السارق النقصَ، فيرد العين ويرد معها فارق السعر؛ لأنه حال بين المالك وملكه حتى نزل السعر، فهو ظالم متعدي، وقد اختار هذا القول ابن تيمية والشوكاني والعثيمين.

وقال جمهور العلماء: لا يضمن النقص؛ لأنه رد العين كما هي، ولم ينقص منها جزء ولا صفة، والنقص هنا ليس بسبب تعدي الغاصب، وإنما لأمر خارجي، وهو تغير قيمته عند الناس، وقد قال E: ﴿ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱعۡتَدُواْ عَلَيۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ [البقرة: ١٩٤]، فالزيادة عليه هنا ظلم، وهذا هو الأرجح.

المسالة الخامسة: زوائد الغصب إذا تلفت في يد الغاصب أو استُهلِكت([6]):

كثمرة الشجر وولد الحيوان والصوف.

الصحيح: أن الغاصب يضمن هذه الزوائد، سواء كانت تلفت منفردة أو مع أصلها؛ لأنه مال للمغصوب منه أُنتِج في يد الغاصب وتلف في يده، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة وبعض الحنفية، وهو الأرجح عند المالكية.

المسألة السادسة: اختلاف الغاصب والمغصوب منه([7]):

إن اختلفا في قيمة المغصوب، فقال الغاصب: «قيمته عشرة دراهم»، وقال المالك: «قيمته اثنا عشر درهما»، فالقول قول الغاصب مع يمينه، فالأصل براءة ذمته من الزيادة.

وإن اختلفا في تلف المغصوب، فقال الغاصب: «قد تلف»، وقال المالك: «هو باق»، فالقول قول الغاصب مع يمينه؛ لأنه يتعذر إقامة البينة على التلف.

وكذلك لو اختلفا في قدر المغصوب، فالقول قول الغاصب بيمينه أيضًا؛ لأنه منكر لما يدعيه المالك عليه من الزيادة.

وإن اختلفا في رد المغصوب، فقال الغاصب: «رددته»، وأنكره المالك، فالقول قول المالك مع يمينه؛ لأن الأصل معه، وهو عدم الرد.

وكذلك لو اختلفا في عيب في المغصوب، فقال الغاصب: «كان مريضًا أو أعمى» مثلًا، وأنكره المالك، فالقول قول المالك - أيضًا - مع يمينه؛ لأن الأصل السلامة من العيوب.

وكل ما سبق هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

 

([1]) المغني (7/360)، الاستذكار (22/129، 259)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص/356)، معالم السنن (3/151)، فتح الباري (5/421، 458).

([2]) المغني (7/400).

([3]) فتاواها (15/339).

([4]) فتاواها (15/376).

([5]) المغني (7/384)، الإنصاف (6/155)، الفقه الإسلامي (6/4812)، الشرح الممتع (4/413).

([6]) المغني (7/384)، المجموع شرح المهذب (14/358)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/4792).

([7]) المجموع شرح المهذب (14/410)، المغني (7/420)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/4820).

4 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة