الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ: الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ، وَالْمُقَارَضَةُ، وَخَلْطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ, لَا لِلْبَيْعِ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ: الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ، وَالْمُقَارَضَةُ، وَخَلْطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ, لَا لِلْبَيْعِ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
5

عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ: الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ، وَالْمُقَارَضَةُ، وَخَلْطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ, لَا لِلْبَيْعِ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

(910) 02- وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ  أَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِطُ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا أَعْطَاهُ مَالًا مُقَارَضَةً: أَنْ لَا تَجْعَلَ مَالِي فِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ, وَلَا تَحْمِلَهُ فِي بَحْرٍ, وَلَا تَنْزِلَ بِهِ فِي بَطْنِ مَسِيلٍ, فَإِنْ فَعَلْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدَ ضَمِنْتَ مَالِي. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

(911) 03- وَقَالَ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ, [ص:270] عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ عَمِلَ فِي مَالٍ لِعُثْمَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ.


تخريج الحديث والأثرين:

حديث صهيب I: رواه ابن ماجه (2289)، وإسناده ضعيف جدًّا؛ فيه نصر بن القاسم وعبد الرحمن بن داود وصالح بن صهيب، مجاهيل.

وأثر حكيم بن حزام I: رواه الدارقطني (3/63)، والبيهقي (6/111)، وإسناده صحيح.

وأثر العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده: إسناده حسن، رواه الإمام مالك في الموطأ (2/290)، والبيهقي (6/111).

فقه الحديث والأثرين:

المسألة الأولى: حكم المقارضة والربح والخسارة فيها([1]):

أجمع العلماء على صحة شركة المقارضة؛ فقد ثبتت عن جماعة من الصحابة، كعمر وابنه وعثمان وحكيم M، ولا يصح فيها عن رسول الله H شيء.

وأما حديث صهيب: «ثَلَاثٌ فِيهِنَّ البَرَكَةُ: البَيْعُ إِلَى أَجَلٍ -كالسلم -، وَالمُقَارَضَةُ، وَخَلْطُ البُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ، لَا لِلْبَيْعِ»، لأن الشعير ثمنه زهيد، والبر ثمنه مرتفع، فتحصل بركة بخلطه للمستخدم.

ولا خلاف بين العلماء أن الربح بين العامل وصاحب المال يكون بحسب ما يتفقان عليه، ولا بد أن يكون جزءًا مشاعًا، كالربع أو الثلث أو النصف، فإذا اشترط أحدهما أن يكون له مقدار معلوم من الربح مع جزء مشاع منه؛ فلا يصح ذلك بإجماع العلماء، كأن يشترط أحدهما خمسين دينارًا ثابتة من الربح، وربع أو ثلث أو نصف الباقي من الربح؛ لأن الأصل في القراض: أن يكون الربح موزعًا بينهما بالنسبة لا بالمقدار، وقد لا يحصل من الربح إلا على هذا المقدار، فيأخذ المشترط جميع الربح.

ولا خلاف بين العلماء أن الخسارة إذا حصلت أنها تكون على صاحب المال؛ لأنها وقعت في ماله، إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تفريط العامل أو تعديه؛ فتكون عليه.

المسألة الثانية: صفة رأس المال([2]):

أجمع العلماء على صحة المقارضة، إذا كان رأس المال من النقد الدراهم والدنانير والعملة العصرية.

واختلفوا في صحتها إذا كان رأس المال من العروض، كالحيوان والمتاع والآلات، فقال جمهور العلماء: لا تصح المقارضة؛ لأن رأس المال إذا كان عروضًا أدى إلى جهالة الربح وقت القسمة، لأن قيمة العروض تعرف بالظن والتخمين، وتختلف باختلاف المقوِّمين.

وقال بعض العلماء: تصح المقارضة، ويكون رأس المال قيمة العروض لا نفس العروض؛ وهذا قول وجيه، فالجهالة يسيرة، وما عليه الجمهور أحوط وأولى.

المسألة الثالثة: نفقة العامل وكسوته([3]):

الصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء: أن المقارضة إذا كانت في الحضر فليس للعامل أن يأخذ نفقته وكسوته من مال المقارضة، إلا بإذن رب المال، أو باشتراطه عليه من البداية؛ لأن له نصيبًا من الربح، فلا يستحق شيئًا آخر، ولأن النفقة ربما وقعت على قدر الربح أو أكثر.

وأما إذا كانت المقارضة في السفر؛ فقال جمهور الفقهاء: له أن يأخذ نفقته وكسوته من مال المقارضة بحسب المعروف والمعتاد دون زيادة، ولو بغير إذن صاحب المال، لاختلاف حال العامل في السفر عن الحضر.

المسألة الرابعة: تلف مال المقارضة([4]):

لا خلاف بين العلماء أن العامل في المقارضة مؤتمن، فقد سلم له المالك ماله برضاه، فلا ضمان عليه إذا تلف مال المضاربة، كسائر الأمانات والودائع، إذا حصل التلف فيها بغير جناية ولا استهلاك ولا تضييع، ومن غير مخالفة لشروط صاحب المال الصحيحة، وإلا كان ضامنًا عند عامة العلماء.

وقد كان حكيم بن حزام I يشترط على عامله شروطًا في المقارضة ويقول له: «فَإِنْ فَعَلْتَ شيئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدَ ضَمِنْتَ مَالِي».

المسالة الخامسة: شروط رب المال([5]):

لا خلاف بين العلماء أن لصاحب المال أن يشترط على العامل ألا يسافر بالمال، أو أن يسافر به، أو ألا يتاجر إلا في بلدة معينة، أو في نوع بعينه، وألا يبيعه نسيئة، فقد كان حكيم بن حزام I يشترط على عامله إذا أعطاه مالًا مقارضة: «أَنْ لَا تَجْعَلَ مَالِي فِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أي: في البهائم-، وَلَا تَحْمِلَهُ فِي بَحْرٍ أي: ينقله بالسفن وغيره-، وَلَا تَنْزِلَ بِهِ فِي بَطْنِ مَسِيلٍ أي: مجرى المياه والأمطار-»، وإلا كان ضامنًا.

والصحيح: أنه يجوز للمالك أن يشترط على العامل ألا يبيع ماله إلا في وقت معين، أو ألا يبيع ولا يشتري إلا من شخص معين، فلا مانع من هذا الشرط، وصاحب المال أعلم بما ينفعه، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة.

وله أن يشترط أن تكون المقارضة مؤقتة بزمن معين، كسنة مثلًا، فإذا انقضت؛ فلا يبيع العامل ولا يشتري، وهذا مذهب الحنفية، والصحيح عند الحنابلة.

ولو اشترط عليه أن يكون نصيبه من الربح مقدارًا معلومًا، كمائة درهم أو عشرة دنانير أو نحوها؛ فلا يصح هذا الشرط، وتبطل المقارضة، فلابد أن يكون الربح فيها جزءًا مشاعًا، كالربع والثلث والنصف، فإذا شرط مبلغًا معلومًا فربما لا يكون الربح أكثر منه، فيحصل رب المال على جميع الربح، وقد يكون الربح كثيرًا جدًّا، فيتضرر باشتراطه لمقدار معلوم.

ولو اشترط عليه أن يكون الضمان عليه إذا حصلت الخسارة أو التلف لرأس المال أو لبعضه، من غير تفريط منه ولا تعدي؛ فلا يصح هذا الشرط بلا خلاف بين الفقهاء، فالضمان يكون على رب المال في المقارضة، وأما الشراكة فباقية مع إلغاء هذا الشرط، وهذا مذهب الحنفية، والصحيح عند الحنابلة، ورواية لمالك.

المسألة السادسة: اختلاف العامل ورب المال([6]):

إذا اختلفا في قدر رأس المال، أو في الخسارة، أو تلف المال؛ فالقول قول العامل، لأنه أمين، وهذا لا خلاف فيه.

وإذا اختلفا في قدر الربح؛ فالصحيح أن القول قول رب المال، لأنه منكر للزيادة في الربح التي يدعيها العامل، والقول قول المنكر، وهذا مذهب الحنفية والمذهب عند الحنابلة.

وإذا اختلفا في رد رأس المال؛ فقال المالكية والشافعية في الأصح عندهم، ورواية لأحمد: إن القول قول العامل، لأن مال المضاربة كالوديعة.

وقال الحنفية والحنابلة في الصحيح عندهم: إن القول قول رب المال؛ لأن العامل قبض المال لنفع نفسه، فصار كالمستعير، ولا يقبل ادعاء الرد في الإعارة إلا ببينة، وهذا كذلك، وهذا القول هو الأقرب.

وإذا اختلفا في الغرض من دفع المال للعامل؛ فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن العامل إذا قال: «كان قرضًا»، وقال رب المال: «كان مضاربة»، فالقول قول رب المال؛ لأن المال ملكه، فالقول قوله في كيفية خروجه من يده.

المسألة السابعة: حكم التأمين التجاري([7]):

صورته: أن تأخذ مؤسسة أو شركة التأمين من التجار والعمال أقساطًا ثابتة من المال، شهرية أو سنوية، على أن تقوم بتأمين أموالهم وأنفسهم، فإذا عرضت حوادث لأموالهم أو لأنفسهم بأي سبب كان؛ فإنها تقوم بتعوضيهم.

ذهب بعض من العلماء إلى إباحته؛ لأنه يعد من المضاربة، فطالب التأمين كطالب المضاربة، وشركة التأمين كالعامل في المضاربة، وما نتج فهو لهما، ولضرورة الدخول في التأمين لدفع الخسارة الحاصلة من الحوادث والكوارث، والضرورة تبيح المحظور.

وذهب أكثر علماء العصر إلى تحريمه؛ لما فيه من الغرر الفاحش، فطالب التأمين لا يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، ولأنه يعتبر نوعًا من أنواع المقامرة والميسر، فكلاهما إما غانم وإما غارم، فقد يحصل للمستأمن كارثة ويستحق أكثر مما دفع، فيكون غانمًا، وقد لا تقع له كارثة أصلًا، فدفع جميع الأقساط ولم يأخذ شيئًا؛ فيكون غارمًا.

وهو من أخذ مال الغير بلا مقابل، بحسب حصول الكارثة أو عدمها، ولأنه يشتمل على الربا، لأن الشركة إذا دفعت للمستأمن أكثر مما دفع من النقود كان ربًا، وليس هو من المضاربة، فإن رأس المال في المضاربة لا زال ملكًا لصاحبه، وأما مال المستأمن فإنه يخرج من ملكه إلى ملك الشركة بعقد التأمين.

ولا ضرورة هنا للتأمين؛ لإمكان العمل في مجالات لا تحتاج للتأمين، فقد أباح الشرع من الكسب الطيب أضعاف ما هو محرم.

والقول بالتحريم هو الراجح.

وأما إذا صار التأمين لازمًا لكل مواطن، في أي مجال كان، ولا يمكن التخلص منه؛ فلا بأس به للمستأمن، ولا يأخذ إلا بقدر ما دفعه إذا حصلت له كارثة، وإن أصروا على إعطائه أكثر مما دفع؛ فيتصدق بالزائد، والإثم في هذه الحالة على من ألزم الناس بالتأمين، كما ذكره بعض أهل العلم.

والتأمينات الصحية محرمة أيضًا؛ لأنها كالتأمين التجاري.

 

([1]) الاستذكار (21/124)، المغني (7/138-145)، فتاوى اللجنة الدائمة (14/307، 332).

([2]) المغني (7/123)، فتح الباري (5/434)، مجموع الفتاوى (30/81، 91)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3932).

([3]) الاستذكار (21/125)، الإنصاف (5/440)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3958).

([4]) الاستذكار (21/124)، المغني (7/162)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3940).

([5]) الاستذكار (21/143)، المغني (7/145، 77).

([6]) المغني (7/185)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/3962).

([7]) فتاوى اللجنة الدائمة (13/157)، (15/246)، نيل المآرب للبسام (3/27)، الربا والمعاملات المصرفية (ص/405)، فتاوى وفقه البيوع (ص/228).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة