وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ أَجْرَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(916) 05- وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديثين:
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (2278).
حديث رافع بن خديج I: رواه مسلم (1568).
فقه الحديثين:
المسألة الأولى: أجرة الحجام([1]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يجوز للحجام أخذ الأجرة على الحجامة مع الكراهة، فقد «احْتَجَمَ رَسُولُ الله H وَأَعْطَى الذِي حَجَمَهُ أَجْرَهُ»، ولو كان حرامًا لم يعطه.
ويكره له أخذ الأجرة على الحجامة للحث على الارتفاع عن دنيء الكسب، فقد ثبت عن النبي H أنه قال: «كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ»، ولا يلزم من خبثه أن يكون محرمًا، وقد وصف النبي H الثوم بالشجرة الخبيثة، وقال عمر I في البصل والثوم: «إنهما خبيثان»، والحديثان في صحيح مسلم، مع أنه يجوز أكلهما.
المسألة الثانية: أخذ الأجرة على الفعل المحرم([2]):
إذا كان الفعل محرمًا لذاته؛ فأخذ الأجرة عليه محرم بالإجماع، كمن يأخذ أجرة على الكهانة أو التنجيم، أو تأخذ المرأة أجرة على الزنى أو الغناء أو النياحة.
والصحيح من أقوال أهل العلم: أن الأجرة لا تحل – أيضًا - مقابل الفعل المحرم لغيره لا لذاته، كأخذ الأجرة على حمل الخمر لمن يشربها أو الخنزير أو الميتة لمن يأكلها، وكمن يحرس دور الربا؛ لأنه استئجار لفعل محرم، فلا تصح الإجارة ولا تحل الأجرة، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وجماعة من الحنفية وغيرهم.
المسألة الثالثة: تأجير العين لمن يستخدمها في المحرم([3]):
كتأجير البيت لمن يتخذه كنيسة، أو الدكان لبيع الخمر أو آلات الطرَب.
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن هذه الإجارة محرمة؛ لأنه استئجار على معصية وإعانة عليها.
وإذا أجر ملكه لشخص على عمل مباح، ثم حوله المستأجر إلى عمل محرم؛ فالإجارة صحيحة، لأنه حين العقد إنما عقد على عمل مباح، لكن إذا انتهت مدة الإجارة؛ وجب عليه أن يمنعه من العمل المحرم، فإذا وافق على الترك جدد له عقد الإجارة.
([1]) شرح مسلم (10/197)، المغني (7/118)، مجموع الفتاوى (30/191)، فتح الباري (5/221).
([2]) شرح مسلم (10/196)، المغني (7/128، 131)، فتح الباري (5/180)، الموسوعة الفقهية (1/288).
([3]) المغني (7/133)، الفقه الإسلامي وأدلته (4/3198، 3817)، الموسوعة الفقهية (1/286)، الشرح الممتع (4/311).