وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
«قَالَ اللَّهُ D: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ, وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا, فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا, فَاسْتَوْفَى مِنْهُ, وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (2270)، ولم يروه مسلم.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: بيع الحر([1]):
أجمع العلماء على تحريم بيع الحر، فمن باع حرًا فهو آثم، وواقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فقد ثبت عن النبي H أنه قال: «قَالَ الله D:ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي –أي: أعطى بعهد الله أو حلف بالله- ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا، فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اِسْتَأْجَرَ أَجِيرًا، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ»، وذكر الأكل لأنه الغالب، وإلا فبيع الحر محرم بذاته، وهذه الأمور من كبائر الذنوب؛ لأن فاعلها يكون الله D خصمه يوم القيامة.
المسألة الثانية: أجرة الأجير ونفقته وكسوته([2]):
لا خلاف بين العلماء أن من استأجر أجيرًا، فقام بالعمل الذي كلف به على الوجه المطلوب من دون إخلال ولا تقصير؛ أنه يستحق أجرة على عمله، ويحرم منعه من أجرته، وفاعله يعتبر مرتكبًا لكبيرة، فهذا من الثلاثة الذين يخاصمهم الله يوم القيامة.
ولا تلزم نفقته وكسوته على صاحب العمل، بلا خلاف بين العلماء، إلا إذا اشترطه الأجير من البداية.
وإذا استأجره بطعام معلوم وكسوة معلومة فقط؛ فالإجارة صحيحة، وإذا لم يحدد مقدار الطعام والكسوة، ولم يعيَّن وصفهما؛ فالإجارة – أيضًا - صحيحة على الصحيح من أقوال أهل العلم، ويرجع في تعيين وصفهما وتحديد مقدارهما إلى العرف، فقد ثبت هذا في أجرة المرضعة، قال تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، فيثبت في غيرها قياسًا عليها، ولأنه عوض على منفعة، فقام العرف فيه مقام التسمية، كنفقة الزوجة ونفقة المطلقة، ولأن فعل هذا جاء عن الصحابة، وهذا مذهب المالكية، والمذهب عند الحنابلة، ورجحه ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين.
([1]) سبل السلام (3/171).
([2]) المغني (7/68)، إعلام الموقعين (3/358)، الأخبار العلمية (ص/151)، الشرح الممتع (4/305).