الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ, مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ, مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
8

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ, مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(949) 04- وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ, وَلْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا, ثُمَّ لَا يَكْتُمْ, وَلَا يُغَيِّبْ, فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا, وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ الْجَارُودِ, وَابْنُ حِبَّانَ.

تخريج الحديثين:

حديث زيد بن خالد الجهني I: رواه مسلم (1725).

حديث عياض بن حمار I: رواه أحمد (4/266)، وأبو داود (1709)، والنسائي في الكبرى (5/436)، وابن ماجه (2505) وغيرهم، وإسناده صحيح.

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: تعريف لقطة ضالة الغنم([1]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يجب على ملتقط ضالة الغنم أن يعرفها حولًا كاملًا، فقد قال رسول الله H: «مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا»، والحيوان الذي أضاعه صاحبه يسمى: (ضالة)؛ فمن آواها ولم يعرفها؛ فهو ضال بنص الحديث، أي: آثم مائل عن الحق.

وتُعرَّف سنة؛ قياسًا على لقطة غير الحيوان، فكلها لقطة جاز لواجدها التقاطها.

المسألة الثانية: كتم اللقطة([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن من وجد لقطة فكتمها ولم يعرفها أنه يكون آثمًا، فقد قال H: «مَنْ آوَى ضَالَّةً أي: ضمها إلى ماله- فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا»، وفي حديث عياض بن حمار I قال: «ثُمَّ لَا يَكْتُمْ، وَلَا يُغَيِّبْ»، وهذا نهي يقتضي التحريم.

وأما إذا كتمها ليخفيها عن صاحبها وتكون له؛ فهو آثم بالإجماع.

المسألة الثالثة: حكم أخذ اللقطة([3]):

اختلف العلماء في هذه المسألة:

فقال ابن حزم وبعض الشافعية: يجب أخذها للمحافظة على مال المسلم.

وقال المالكية: الأفضل أخذها مطلقًا حفاظًا على مال المسلم، ولأن تعريفها من أفعال البر فيؤجر عليه.

والصحيح عند الحنابلة: أن الأفضل عدم أخذها مطلقًا؛ خشية التقصير في القيام بما يجب لها من التعريف، وخشية التفريط في المحافظة عليها، وقد صح أن رسول الله H قال: «ضَالَّةُ الْمُسْلِمُ حَرَقُ النَّارِ»، جاء من حديث
عبد الله بن الشخير I وغيره. رواه ابن ماجه (2502)، والبيهقي (6/190).

ومذهب الحنفية، والأصح عند الشافعية، وقول بعض الحنابلة: إن في حكم أخذها تفصيلًا، وهو كالتالي:

  • إذا أمن من نفسه عليها، وقوي على تعريفها؛ فيستحب له أخذها، محافظة على مال أخيه، ولأن تعريفها من أفعال الخير.
  • وإذا لم يأمن من نفسه أو يخاف من التقصير في تعريفها؛ فيكره له أخذها، حتى لا يعرض نفسه للمحظور.
  • وإن علم من نفسه الخيانة؛ فيحرم عليه أخذها.

وحديث: «ضَالَّةُ الْمُسْلِمُ حَرَقُ النَّارِ»، هذا في الضالة التي لا يجوز التقاطها من الإبل وغيره، فقد قاله النبي H عندما سئل عن ضالة الإبل، وعلى الأخذ بعمومه فهو في حق من لم يُعرِّف اللقطة، كقوله: «مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ، مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا».

وهذا هو الأرجح، واختاره ابن عثيمين.

المسألة الرابعة: الإشهاد عند وجود اللقطة([4]):

وفائدته: صيانة نفسه عن الطمع فيها، وحفظها من ورثته إن مات، ومن غرمائه إن أفلس.

وقد اختلف العلماء في حكم هذا الإشهاد على قولين:

القول الأول: يجب الإشهاد عند وجودها، فقد أمر النبي H بالإشهاد في حديث عياض بن حمار I، فقال: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ»، والأمر يقتضي الوجوب، وإذا لم يشهد فكأنه أخذها لنفسه، وهذا مذهب أبي حنيفة وابن حزم، وقول للشافعية وللحنابلة.

القول الثاني: يستحب الإشهاد ولا يجب، فلم يأمر به النبي H في حديث زيد بن خالد وأبي بن كعب L، وحديثهما في الصحيحين، لا سيما أنه سئل في حديث زيد بن خالد I عن حكم اللقطة، فلو كان واجبًا لبينه النبي H لهما، فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولأن أخذها أمانة؛ فلا تحتاج إلى الإشهاد كالوديعة، وإذا عرفها دل ذلك على أنه لم يأخذها لنفسه.

وهذا مذهب المالكية، والصحيح عند الشافعية والحنابلة، وقول بعض الحنفية، وهو الأرجح، جمعًا بين الأدلة.

المسالة الخامسة: إذا تلفت اللقطة عند الملتقط([5]):

إذا تلفت في أثناء زمن التعريف بسبب تفريط منه أو تعدي؛ فلا خلاف بين العلماء أنه يكون ضامنًا عليها، ولا يكون ضامنًا إذا تلفت بغير تفريط منه ولا تعدي؛ لأنها كالوديعة.

وإن تلفت بعد حول التعريف؛ فقال جمهور العلماء: يكون ضامنًا مطلقًا، سواءً تلفت بتفريط منه أم بدون تفريط، لأنه جاز له تملكها والانتفاع بها في هذه الحالة، وفي بعض طرق حديث زيد بن خالد I في الصحيحين قال: «ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ»، هكذا مطلقًا.

ومذهب المالكية والظاهرية، ورواية لأحمد، وقول بعض الحنفية: إنه لا يضمنها إذا تلفت بغير تفريط، ففي حديث عياض بن حمار I قال: «فَهُوَ مَالُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ»، وفي بعض طرق حديث زيد بن خالد I في الصحيحين قال: فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ»، فيستفاد من تسميتها «وديعة»: أنها لو تلفت بدون تفريط لم يكن عليه ضمانها.

وهذا هو الأرجح.

المسألة السادسة: إذا تأخر في تعريفها([6]):

الصحيح عند الحنابلة: أنه إذا لم يعرفها في أول العام عرفها ما بقي من العام.

وإذا لم يعرفها حتى انتهى الحول الأول، أنه لا يجب عليه تعريفها في العام الثاني، لأن صاحبها بعد الحول الأول قد يئس منها وترك طلبها، فلا فائدة ترجى من تعريفها، فيكون آثمًا ولا يحل له أن يتملكها، ويلزم عليه أن يتصدق بها.

وذهب جمهور الشافعية إلى أنه يعرفها في السنة التي بعدها، فلا يشترط في العام الأول، وإذا لم يعرفها في أول العام وعرفها في آخره أتم من العام المقبل؛ لأن كل هذا يصدق فيه أنه عرفها سنة، والقول الأول هو الأقرب.

 

([1]) المغني (8/337)، بداية المجتهد (2/305)، فتح الباري (5/366).

([2]) شرح مسلم (12/21)، المغني (8/292)، بداية المجتهد (2/308)، المحلى (8/361)، فتح الباري (5/365).

([3]) روضة الطالبين (4/453)، شرح مسلم (12/211)، بداية المجتهد (2/304)، المغني (8/291)، المحلى (8/260)، فتح باب العناية (2/90)، فتح الباري (5/379)، الشرح الممتع (4/532).

([4]) المغني (8/308)، المحلى (8/257)، روضة الطالبين (4/453)، الإنصاف (6/418)، فتح باب العناية (2/93).

([5]) المغني (8/313)، فتح الباري (5/370، 378)، الإنصاف (6/420).

([6]) المغني (8/298)، روضة الطالبين (4/470)، الإنصاف (6/412، 415).

8 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة