وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي I: رواه مسلم (1724).
فقه الحديث:
مسألة: لقطة مكة([1]):
اختلف فيها العلماء على قولين:
القول الأول: لا يجوز تملكها مطلقًا، ومن التقطها يعرفها أبدًا، فليست مكة كسائر البلاد، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس وأبي هريرة M أن النبي H قال: «وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ»، أي: لا تحل إلا للتعريف فقط، ولم يجعل لهذا التعريف وقتًا محددًا، تأكيدًا على حرمة مكة، ولأن الناس يعودون إليها مرة بعد أخرى، فربما يعود المالك في طلبها أو يرسل من يطلبها.
وفي حديث عبد الرحمن بن عثمان: «أَنَّ النَّبِيَّ H نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الحَاجِّ»، وذلك لأنها لا تكون للتمليك، وإنما للتعريف فقط.
وهذا هو الصحيح عند الشافعية، ورواية لأحمد، وقول بعض المالكية، واختاره ابن حزم وابن تيمية وابن القيم.
القول الثاني: يجوز تملكها بعد تعريفها عامًّا، فمكة كسائر بلاد الإسلام؛ لأن الأحاديث الواردة في اللقطة لم تفرق بين الحل والحرم، والأحاديث التي استدل بها المخالف تحمل على الأمر بالمبالغة في تعريفها لحرمة مكة، وللتأكيد على أن لقطة مكة تعرف دفعًا لما يتوهمه بعض الناس، من أنه لا حاجة لتعريفها، لعدم وجود فائدة منه باعتبار مكة مكان الغرباء.
وهذا مذهب الحنفية، والمشهور عند المالكية، والصحيح عند الحنابلة، وقول بعض الشافعية.
والقول الأول هو الأقرب، ورجحه ابن باز([2]) وابن عثيمين.
([1]) شرح مسلم (9/108)، إكمال المعلم (4/472)، فتح الباري (5/374)، المحلى (8/258)، المنتقى للباجي (6/138)، الشرح الممتع (4/532)، منحة العلام (7/88).
([2]) فتاواه (19/440).