2024/12/29
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَا أَحْرَزَ الْوَالِدُ أَوْ الْوَلَدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ,

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَا أَحْرَزَ الْوَالِدُ أَوْ الْوَلَدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ, وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

(963) 12- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ L قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ H: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ, لَا يُبَاعُ, وَلَا يُوهَبُ». رَوَاهُ الْحَاكِمُ: مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ, عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ.

تخريج الحديثين:

حديث عمر بن الخطاب I: رواه أحمد (1/27)، وابو داود (2917)، والنسائي في الكبرى (6/113)، وابن ماجه (2732)، وإسناده حسن، وحسنه الشيخ الألباني V([1]).

حديث عبد الله بن عمر L: رواه الحاكم (4/341)، والبيهقي (10/292) وهو خطأ، فالمحفوظ عن ابن عمر L في الصحيحين: «أَنَّ
رَسُولَ الله
H نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ»، وجاء هذا الحديث عن الحسن البصري عن رسول الله H. رواه البيهقي، وهو مرسل صحيح.

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: ميراث العبد([2]):

لا خلاف بين العلماء أن العبد إذا مات ومعه مال أنه لا يرثه أحد من أقاربه؛ لأنه لا يملك شيئًا أصلًا، فالعبد وما ملك لسيده، فهذا من مقتضى العبودية.

ونقل الإجماع على أن العبد لا يرث أحدًا من أقاربه؛ لأن ما ورثه سيكون لسيده، والسيد أجنبي من الميت، فيؤدي إلى تمليك السيد بغير وجه، فالرق مانع من موانع الإرث.

المسألة الثانية: الإرث بالولاء([3]):

أجمع العلماء على أن المعتِق يرث ممن أعتقه إذا لم يكن له وارث من عصبته، سواء كان المعتِق ذكرًا أم أنثى، وسواء كان العتيق ذكرًا أم أنثى، ففي الصحيحين عن عائشة J أن النبي H قال: «فَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ».

فإذا كان للعتيق وارث من عصبته؛ فلا شيء للمعتق، والمال للعصبة بإجماع العلماء، كعتيق هالك عن ابنه ومولاه، فالمال لابنه ولا شيء لمولاه.

وإذا كان للعتيق وارث من أصحاب الفروض ولا عصبة له؛ فإن صاحب الفرض يأخذ فرضه والباقي يرثه مولاه، فقد جاء عند الإمام أحمد (6/405)، وابن ماجه (2734) وغيرهما: «أَنَّ ابْنَةَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ لَهَا مَوْلًى أَعْتَقَتْهُ، فَمَاتَ الْمَوْلَى وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَمَوْلاتَهُ ابْنَةَ حَمْزَةَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ H فَأَعْطَى ابْنَتَهَ النِّصْفَ، وَأَعْطَى مَوْلاتَهُ ابْنَةَ حَمْزَةَ النِّصْفَ»، والحديث حسن لغيره إن شاء الله، وحسنه الألباني([4]).

وإذا لم يكن للعتيق وارث من صاحب فرض أو عصبة، وخلف ذا رحم ومولاه؛ فالمال لمولاه ولا شيء لذي رحمه، كما لو ترك خاله ومولاه، وعلى هذا جمهور العلماء وهو الصواب، فالمولى وارث بالإجماع، وذو الرحم اختلف العلماء في توريثه، وفي الحديث: «الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ»، أي: الولاء التحام وارتباط بين المعتق والعتيق، كالتحام وارتباط النسب، وثبت نحو هذا عن علي وابن مسعود L.

المسألة الثالثة: ميراث العتيق لعصبة المعتق([5]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن عصبة المعتق يرثون بالولاء، فيرثون من مال العتيق إذا لم يكن له عصبة ولا مولى، وقد جاء عن النبي H أنه قال: «مَا أَحْرَزَ الوَالِدُ أَوِ الوَلَدُ فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ»، أي: ما حصله الوالد أو الولد فهو لعصبته، وهم أقاربه من الذكور من جهة الأب.

والفقهاء يستدلون بهذا الحديث على أن ميراث العتيق للمعتق ثم لعصبته من بعده، وقد نقل اتفاق الصحابة على هذا.

وترتيبهم كترتيب عصبات النسب، فميراث العتيق لأقرب عصبة للمعتِق، فأقربهم: الابن، ثم الأب، ثم الجد، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم، وقد جاء هذا عن الخلفاء الأربعة وزيد وابن مسعود M.

كعتيق هالك عن ابن مولاه وعن أخي مولاه، فالمال لابن مولاه؛ لأنه عصبة للمولى، ولا شيء لأخي مولاه، لأنه عصبة أبعد، فيحجبه الأقرب.

 

([1]) السلسلة الصحيحة (5/248).

([2]) أحكام المواريث (ص/38)، شرح الرحبية (ص/36).

([3]) المغني (9/215، 240)، بداية المجتهد (2/361).

([4]) الإرواء (1668).

([5]) المغني (9/239)، بداية المجتهد (2/364)، الفتح (13/539).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1003