وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ عَامَ أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ, ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ نَهَى عَنْهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1004) 31- وَعَنْ عَلَيٍّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديثين:
حديث سلمة بن الأكوع I: رواه مسلم (1405).
حديث علي بن أبي طالب I: رواه البخاري (5115)، ومسلم (1407).
فقه الحديثين:
وهو اتفاق الرجل مع المرأة - أو أوليائها - على الزواج بها إلى أجل معلوم، بمقابل أجرة معينة، فإذا انقضى الأجل وقعت الفرقة.
وقد استقر الإجماع على حرمة نكاح المتعة، فقد نهى النبي H عنه عام خيبر، وكان رخص فيه ثم نهى عنه.
وقد كان بعض الصحابة يرى بجوازه في عهد أبي بكر I، ثم نهاهم عمر I في خلافته فانتهوا، وهذا محمول على أنهم لم يعلموا بالنهي عنه. وأما ابن عباس؛ فاستمر بالقول به إلى زمن خلافة ابن الزبير، وأنكر عليه الجميع.
صورته عند الفقهاء: أن يكون الرجل في غير بلده، ويخشى على نفسه، أو يريد السكنى؛ فيتزوج المرأة بنية أن يطلقها بعد مدة إذا أراد الرجوع إلى بلده، دون أن يتفق معها أو مع وليها على ذلك.
وفي حكمه خلاف:
فالمشهور عند الحنابلة أنه نكاح باطل؛ لأنه شبيه بنكاح المتعة، إذ أنه لو ذكر هذا الشرط ووافقت عليه المرأة؛ لكان نكاح متعة بلا ريب، يفسد معه النكاح، فيكون هذا النكاح فاسدًا بهذه النية كما لو اشترطه.
وقال جمهور العلماء بعدم حرمته، فلا دليل على منعه، وليس هو من نكاح المتعة، لوجود الفارق بينهما، فالمتعة تنتهي بانتهاء المدة المتفق عليها، ولا مهر فيها، وإنما إجارة، ولا ترث المرأة منه إذا مات، ولا تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ولا تسمى زوجة له، وأما هذا؛ فتعتبر زوجة له، ولها المهر، وترث منه، وتعتد لوفاته، وملكه ثابت، فله أن يمسكها ولا يطلقها إذ رغب فيها، والأصل أنه لا يجب على الرجل استدامة البقاء مع المرأة، فله أن يطلقها متى شاء، فإذا نواه مسبقًا فقد قصد أمرًا جائزًا شرعًا.
والراجح: أن هذا النكاح صحيح، لكنه يحرم؛ لأنه ليس من أخلاق الناس، واحتياطًا للدين، ولما فيه من الغش والخداع للمرأة وأهلها، ولما فيه من الإضرار بالمرأة والتلاعب بمشاعرها، والضياع للأولاد وتشردهم، والسلامة من هذه المفاسد بأن يتزوجها بنية الدوام، فإن عجز بعد عن إبقائها فارقها.
تنبيه: وأما سفر الرجل إلى بلدة ليس له غرض إلا الزواج بنية الطلاق؛ فهذا محرم قطعًا، فلا يقول أحد بجوازه، والنكاح على هذا النحو لم يصححه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين، نص على هذا بعض أهل العلم، وإنما المسألة عند المتقدمين فيمن سكن بلدًا فترة مؤقتة، أو كان في سفر وخشي على نفسه.
([1]) بداية المجتهد (2/58)، شرح مسلم (6/153)، فتح الباري (10/217)، المغني (10/46)، السيل الجرار (2/267).
([2]) فتح باب العناية (2/29)، شرح مسلم (9/155)، المغني (10/47)، فتح الباري (10/217)، مجموع الفتاوى (32/147)، الشرح الممتع (12/134)، النكاح بنية الطلاق، د/السهيلي.