وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خُيِّرَتْ بَرِيرَةُ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْهَا: أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: كَانَ حُرًّا. وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ.
وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ; أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا.
تخريج الحديثين:
حديث عائشة J: رواه البخاري (5279)، ومسلم (1504)، وجاء في رواية عنها أن زوج بريرة J كان عبدًا، رواه مسلم عن عروة بن الزبير والقاسم بن عبد الرحمن، والبيهقي (7/221) عن عمرة، كلهم عن عائشة J.
وفي رواية عند أحمد (6/42)، والترمذي (1189)، وابن ماجه (2074)، والنسائي (6/163) عن الأسود بن يزيد عنها أن زوج بريرة J كان حرًّا، وقد خالف الأسود الناس في زوجها([1]).
وقول المصنف: «وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ» أي: أن زوجها كان عبدًا، وهذا الذي رجحه جماعة من الحفاظ، كأحمد والبخاري والدارقطني([2]).
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (5280).
فقه الحديثين:
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: اعتبار الكفاءة في النكاح بالحرية، فليس العبد كفؤًا للحرة، فالرق نقص، فمنافع العبد وما ملك لسيده، وقد أعتقت بريرة J وكان زوجها عبدًا، فخيرها النبي H بين البقاء معه وبين المفارقة.
والخلاصة: أن الكفاءة في النكاح تعتبر بالدين والحرية لا غير.
ذهب بعض السلف والحنفية وابن حزم والإمام أحمد في رواية: إلى أن الأمة إذا أعتقت ثبت لها الخيار في زوجها، سواء كان زوجها حرًّا أم عبدًا، فقد جاء عن عائشة J في رواية أن بريرة J لما أعتقت خيرت في زوجها وكان حرًّا.
وقال جمهور العلماء: تخير في زوجها إذا كان عبدًا فقط؛ لأنه ليس كفءً لها، فقد أصبحت حرة، أما إذا كان زوجها حرًّا؛ فلا يثبت لها الخيار لوجود الكفاءة، وما جاء أن زوج بريرة J كان حرًّا؛ فهو شاذ، والمحفوظ أن زوجها كان عبدًا.
وهذا هو الراجح.
([1]) سنن البيهقي (7/224).
([2]) زاد المعاد (5/168)، فتح الباري (10/515).
([3]) فتح باب العناية (2/69)، شرح مسلم (9/120)، المغني (10/68)، فتح الباري (10/511، 515)، زاد المعاد (5/168).
([4]) المراجع السابقة.