وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْبَيْهَقِيُّ, وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ.
(1015) 07- وَعَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ, فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ, فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ H أَنْ يَتَخَيَّرَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ، وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ.
تخريج الحديثين:
حديث فيروز الديلمي I: رواه أحمد (4/232)، وأبو داود (2243)، والترمذي (1159)، وابن ماجه (1951) وغيرهم، وفي إسناده ضعف، فأبو وهب الجيشاني يرويه عن الضحاك بن فيروز، وكلاهما مجهول الحال، وقد ضعّف الحديثَ البخاري والعقيلي وغيرهما([1]).
حديث ابن عمر L: رواه أحمد (2/13)، والترمذي (1158)، وابن حبان (4157) وغيرهم موصولًا وجاء مرسلًا، والصواب فيه الإرسال، كما قاله أحمد والبخاري ومسلم وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم([2]). وله طريق أخرى عن ابن عمر L عند الدارقطني (3/271)، والبيهقي (7/183)، وإسنادها حسن متصل. وفي الباب أحاديث بنحوه عن غير ابن عمر L بأسانيد ضعيفة([3]).
فقه الحديثين:
أجمع العلماء على أنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين في عصمته في وقت واحد، سواء كانت الأخوة من أبوين أو من أحدهما، فقد قال D: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمۡ أُمَّهَٰتُكُمۡ... وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَ ﴾ [النساء: ٢٣].
وأجمع العلماء إلا من شذ على أنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة في وقت واحد، فقد قال D: ﴿ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ ﴾ [النساء: ٣]، والمعنى: مثنى أو ثلاث أو رباع، ولم يزد على ذلك، وجاء «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ H أَنْ يَتَخَيَّرَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»، ولو جاز له أكثر من ذلك لأذن له.
مذهب الحنفية: أنه يختار الأوليات من نسائه ويفارق الأخريات؛ لأن الزائدة عن الأربع هي المحرمة في الإسلام، وكذلك يختار الأخت التي تزوجها أولًا ويفارق الثانية، لأنها المحرمة في الإسلام.
وذهب جمهور العلماء إلى أنه يختار من شاء منهن دون فرق بين متقدمة ومتأخرة، وكذلك يختار إحدى الأختين بلا فرق، فقد أمر النبي H غيلان بن سلمة أن يختار من نسائه أربعًا، وكن عشر نسوة، وأسلم فيروز الديلمي I وتحته أختان، فقال له رسول الله H: «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ»، ولأنه نكاح صحيح في ملتهم، فثبتت الأحقية لجميعهن.
وهذا هو الأرجح.
([1]) تلخيص الحبير (3/200).
([2]) تلخيص الحبير (3/192).
([3]) انظر كتاب «كشف الغمة في خصائص الرسول وهذه الأمة».
([4]) الاستذكار (18/143)، المجموع شرح المهذب (17/349)، المغني (9/471)، فتح الباري (10/173).
([5]) حاشية ابن عابدين (4/281)، بداية المجتهد (2/49)، الاستذكار (18/143)، المغني (9/472)، فتح الباري (10/174).