2024/12/29
عَنْ ابن عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ; فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ, وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيُطْعَمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا.

وَعَنْ ابن عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ; فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ, وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيُطْعَمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا.

(1053) 05- وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوُهُ. وَقَالَ: «فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ».

تخريج الحديثين:

حديث أبي هريرة I: رواه مسلم (1150).

حديث جابر I: رواه مسلم (1430).

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: إذا دعي الصائم إلى الوليمة([1]):

يجب عليه الإجابة لوليمة العرس، ولا يجب عليه الأكل، بلا خلاف بين العلماء، فقد قال رسول الله H: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ -وهذا يشمل المفطر والصائم-: فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ أي: فليدع لأهل الطعام-، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ».

لا يجوز له أن يأكل إذا كان صومه واجبًا بإجماع العلماء، كصوم النذر والكفارة.

وله أن يفطر إذا كان صومه تطوعًا، واختلف العلماء في الأفضل له:

القول الأول: يستحب له الإفطار؛ فقد روى البيهقي (4/279) عن أبي سعيد I أنه قال: «صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ H طَعَامًا فَأَتَانِي هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَفْطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ يَوْمًا إِنْ شِئْتَ»، وسنده ضعيف، وله شواهد شديدة الضعف([2]).

وهذا هو المشهور عند الجنابلة، وقول بعض الشافعية.

القول الثاني: الأفضل له أن يواصل صومه، فلا يقطع عمله، وفي قوله H: «فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» إشعار له بأن يواصل صومه ويدعو لأهل الطعام، إلا إذا كان يشق على صاحب الدعوة صومه ويقع في نفسه، فالأفضل له الفطر؛ تطييبًا لقلبه وإدخالًا للسرور عليه.

وهذا هو المشهور عند الشافعية، وقول لبعض الحنابلة، واختاره الشيخ ابن عثيمين V، وهو الأرجح.

المسألة الثانية: هل يجب على من كان مفطرًا أن يأكل([3])؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يجب عليه أن يأكل، فقد أمره النبي H بذلك، فقال: «وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ»، وقوله H في حديث جابر I: «فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» هو في حق الصائم، وقد جاء هذا الحديث عند ابن ماجه (1751) بذكر «صائم»، ولفظه: «مَنْ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ». وفي سنده ضعف.

وهذا مذهب الظاهرية، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة.

القول الثاني: يستحب له أن يأكل، ولا يجب عليه، فظاهر حديث جابر I في ]صحيح مسلم[: «فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» يعم الصائم والمفطر، وتقييده بالصائم لا يصح، والمراد من إجابة الدعوة: الإتيان دون الإطعام، بدليل أنه H أمر الصائم بالإتيان، ولم يلزمه بالأكل، بل يدعو.

وأيضًا لو كان الأكل واجبًا؛ لأمر الصائم المتطوع بالإفطار، لأن الواجب مقدم على النفل، فيحمل الأمر في قوله H: «وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيُطْعَمْ» على الاستحباب.

وهذا مذهب الحنفية والمالكية، والمشهور عند الشافعية والحنابلة،
وهو الراجح.

 

([1]) شرح مسلم (8/23)، (9/201)، المغني (10/194)، فتح الباري (10/309)، الإنصاف (8/322)، الشرح الممتع (5/346)، طبعة مصرية.

([2]) تلخيص الحبير (3/224).

([3]) المغني (10/194)، المنتقى للباجي (3/350)، شرح مسلم (9/200)، (8/23)، المحلى مسألة (1819)، حاشية ابن عابدين (9/422)، فتح الباري (10/309)، الإنصاف (8/322).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1060