2024/12/29
ولِأَبِي دَاوُدَ, وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ: «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ, فَجَعَلَ النَّبِيُّ  عِدَّتَهَا حَيْضَةً».

وَلِأَبِي دَاوُدَ, وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ: «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ, فَجَعَلَ النَّبِيُّ  عِدَّتَهَا حَيْضَةً».

تخريج الحديث:

هذا اللفظ من حديث ابن عباس L: عند أبي داود (2226)، والترمذي (1185)، وفي سنده عمرو بن مسلم الجندي، فيه ضعف، وقد رواه عبد الرزاق (6/506) مرسلًا دون ذكر ابن عباس L، وهو الأصح.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: عدة المخالعة([1]):

اختلف العلماء في مقدار عدة المختلعة على قولين:

القول الأول: تعتد بثلاثة قروء؛ لأن الخلع طلاق، ولو كان فسخًا فكذلك؛ لأن الفرقة تكون من الزوج، وضعفوا ما جاء أن المخالعة تبرأ بحيضة، أو أنه فهم من الراوي فهم من لفظ الحيضة حيضة واحدة، فرواها كما فهم.

وهذا مذهب جمهور العلماء.

القول الثاني: تعتد بحيضة؛ لأن الخلع فسخ، فتكفي حيضة واحدة لاستبراء الرحم والتأكد من عدم وجود الحمل، وقد جعل النبي H عدة امرأة ثابت حيضة، وقد روى النسائي (6/498)، وابن ماجه (2058) عن ربيع بنت معوذ J قالت: «اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي، ثُمَّ جِئْتُ عُثْمَانَ، فَسَأَلْتُهُ مَاذَا عَلَيَّ مِنَ الْعِدَّةِ؟ فَقَالَ: لا عِدَّةَ عَلَيْكِ إِلا أَنْ تَكُونِي حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِهِ، فَتَمْكُثِي حَتَّى تَحِيضِي حَيْضَةً، قَالَتْ: وَإِنَّمَا يُتْبَعُ فِي ذَلِكَ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ H فِي مَرْيَمَ الْمَغَالِيَّةِ، كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ»، وسنده حسن.

وروى النسائي (6/497) عنها في امرأة ثابت بن قيس I: «فَأَمَرَهَا
رَسُولُ اللَّهِ
H: أَنْ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً»، وسنده صحيح.

وهذا القول رواية لأحمد، وعليه جماعة من فقهاء أهل الحديث، ومذهب ابن تيمية وابن القيم وابن باز وابن عثيمين.

قلت: الأحوط أن تبقى ثلاثة قروء؛ خروجًا من الخلاف والشبهة. وهاهم الحنابلة في المشهور عنهم يقولون: تعتد بثلاثة قروء، مع أنهم يرون الخلع فسخًا.

المسألة الثانية: عودة المرأة إلى زوجها بعد الخلع([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنها لا ترجع إليه إلا برضى منها، وبرضى وليها، وبنكاح جديد، وبصداق جديد، فلا يكون فداءً إلا إذا خرجت به من قبضته وسلطانه، لأن المقصود إزالة الضرر عن المرأة، ويجوز أن يكون هذا في عدتها، لأنها اعتدت من فراقه.

المسألة الثالثة: النفقة والسكنة للمخالعة([3]):

ذهب جمهور العلماء إلى أن المخالعة لها النفقة والسكنى على زوجها؛ لأن الخلع طلاق، والمطلقة لها السكنى والنفقة.

والقول الثاني: لا سكنى لها ولا نفقة، فالخلع فسخ لا طلاق، ولأنه ليس للزوج الحق برجعتها، بخلاف الطلاق الرجعي، لما كان له الرجعة عليها كان لها بمقابل ذلك النفقة والسكنى، وقد روى سعيد بن منصور (1430)، وأحمد (6/434)، وأبو داود (2224) وغيرهم عن حبيبة بنت سهل J: «إِنَّهَا قَالَتْ للنَّبِيّ H: لَا أَنَا، وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ،... يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ H لِثَابِتٍ: خُذْ مِنْهَا، فَأَخَذَ مِنْهَا، وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا»، وسنده صحيح. وهذا مذهب الظاهرية، والصحيح عند الحنابلة.

وأما إذا كانت حاملًا؛ فلها النفقة والسكنة لأجل الحمل.

 

([1]) التمهيد (23/373)، تفسير القرطبي (3/97)، المغني (11/195)، مجموع الفتاوى (32/10، 328)، إعلام الموقعين (2/88)، أضواء البيان (1/167)، بذل المجهود (10/332).

([2]) الاستذكار (17/189، المغني (10/218)، بداية المجتهد (2/69)، مجموع الفتاوى (33/155)، إعلام الموقعين (2/280).

([3]) الاستذكار (17/195)، روضة الطالبين (6/475)، مجموع الفتاوى (32/327)، الإنصاف (9/360)، المحلى مسألة (1974).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1079