2024/12/29
عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  وَدَنَا مِنْهَا. قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ, قَالَ: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ, الْحَقِي بِأَهْلِكِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

- وَعَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  وَدَنَا مِنْهَا. قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ, قَالَ: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ, الْحَقِي بِأَهْلِكِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

تخريج الحديث:

حديث عائشة J: رواه البخاري (5254).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الطلاق بألفاظ الكناية([1]):

هي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره، وليست صريحة في الطلاق، كقوله: «أنت خليه برية». أو «لا حاجة لي بك» أو «الحقي بأهلك أو مطرودة أو غير مقبولة».

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الطلاق يقع بهذه الألفاظ إذا نواه المتكلم، فيصير طلاقًا بالنية.

وقد استخدمها الشرع في الطلاق، كقوله D: ﴿ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖ [البقرة: ٢٢٩]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا ١٣٠ [النساء: ١٣٠]، وعندما استعاذت ابنة الجون من رسول الله H، قال لها: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ»، أي: برب العالمين، ثم قال لها: «الحَقِي بِأَهْلِكِ» ولم يزد عليه، وكان طلاقًا لها.

وأما الطلاق بالألفاظ التي لا يصلح الطلاق بها؛ فأكثر العلماء على أنه لا يكون طلاقًا، وإن نواه المتكلم، كقوله لزوجته: «كلي» أو «اشربي» أو «اقعدي» أو «غفر الله لك» أو «ما أجملك»؛ لأن هذه الألفاظ لا تحتمل الطلاق أبدًا، فلابد في الطلاق من لفظ يصلح للطلاق مع النية.

وذهب المالكية إلى وقوع الطلاق به إن نواه؛ اعتبارًا بالقصد والنية.

المسألة الثانية: إذا خير الرجل زوجته([2]):

إن اختارت زوجها؛ فلا يقع طلاقًا عند معظم الصحابة وجمهور الفقهاء، فعن عائشة قالت: خيرنا رسول الله فاخترنا الله ورسوله، فلم يعد ذلك علينا شيئًا. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية له: «فلم نعده طلاقًا».

وإن اختارت نفسها؛ فمذهب الظاهرية وبعض العلماء لا يقع الطلاق، ولو نواه الزوج، حتى ينشئ طلاقًا، فيقول لها بعد اختيارها نفسها: «أنت طالق».

ومذهب جمهور العلماء أنه يقع به الطلاق، وهذا هو المشهور عن الصحابة، وهو من طلاق الكناية، وهو الراجح.

واختلفوا: هل يقع الطلاق بمجرد اختيارها: أم لا بد من نية الزوج؟

فمذهب مالك: أنه يقع بمجرد اختيارها.

ومذهب الحنفية والشافعية والحنابلة: لا يقع الطلاق بمجرد اختيارها، إلا إذا نواه الزوج أي: نوى أنها إذا اختارت نفسها أنها مطلقة-كسائر الطلاق بالكناية، فلا يقع إلا بنية، فإن لم ينوه لم يقع الطلاق بمجرد اختيار المرأة لنفسها؛ لأنه ليس بصريح في الطلاق، وهذا هو الأرجح.

 

([1]) الاستذكار (17/31-52)، المغني (10/359-377)، روضة الطالبين (6/32)، بداية المجتهد (2/74)، مجموع الفتاوى (32/302)، (33/152)، زاد المعاد (5/318).

([2]) شرح مسلم (10/63)، المغني (10/382، 391)، البيان للعمراني (10/97)، تفسير القرطبي (14/112)، زاد المعاد (5/287)، فتح الباري (10/462).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1088