وَعَنِ أَنَسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «أَبْصِرُوهَا, فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا فَهُوَ لِزَوْجِهَا, وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا, فَهُوَ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
تخريج الحديث:
حديث أنس I: رواه مسلم (1496)، ولم يروه البخاري.
فقه الحديث:
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يصح ملاعنة الحامل ونفي حملها، فقد لاعنت المرأة في عهد رسول الله H وهي حامل، ففي الحديث أن النبي H قال: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا –أي: شعره مسترسل- فَهُوَ لِزَوْجِهَا –أي: من زوجها-، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ –أي: كأن في عينيه كحل- جَعْدًا –أي: شعره غير مسترسل-، فَهُوَ الذِي رَمَاهَا بِهِ –أي: من الزنى-»، وفي ]الصحيحين[ عن ابن عمر L قال: «أَنَّ النَّبِيَّ H لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ».
واختلفوا في المدة التي له فيها نفي الولد إذا لم يقر به:
فمذهب المالكية: أن الزوج إذا رأى الحمل، فلم ينفِه حتى وضعت لم ينتفِ عنه بعد ذلك وألحِق به.
ومذهب الحنفية: مدة النفاس وهي أربعون يومًا.
والمشهور عند الشافعية والحنابلة: أن المدة تستمر إلى بعد الولادة مباشرة، فإن ولدت وعلم بذلك، فلم ينفه مع إمكان ذلك؛ لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعد ذلك، إلا إذا وجِد عذر يقبل التأخير، كالحبس أو السفر أو المرض، فيقبل منه تأخير نفيه.
ولا يلزم عليه نفيه في أثناء الحمل؛ لاحتمال كونه ليس حملًا، وإنما انتفاخ، لأن الحمل غير مستيقن، وأما بالولادة فقد حصل اليقين.
وهذا هو الأرجح.
وأما إذا أقر به؛ فهو ولده، وإن رمى الأم بالزنى، وهذا لا خلاف فيه.
كأن يقول: ليس هذا بولدي، وليست هي بالزانية.
مذهب الشافعية وأكثر الحنابلة: أنه يجب عليه اللعان، وبه ينفى الولد، فإن لم يلاعن فهو ولده، واختاره ابن عثيمين.
ومذهب الحنفية، ورواية للحنابلة: أنه لا يلاعن؛ لأن من شرط اللعان قذف المرأة بالزنى، قال D: ﴿ وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمۡ ﴾ [النور: ٦]، فجعل اللعان عند وجود قذف المرأة بالزنى؛ وعليه: يلحق نسب الولد به، والله أعلم.
([1]) شرح مسلم (10/109)، بداية المجتهد (2/117)، المغني (11/161)، روضة الطالبين (6/333)، فتح الباري (10/577)، الإنصاف (9/255)، أضواء البيان (6/141، 155).
([2]) المغني (11/165)، الإنصاف (9/245)، فتح ذي الجلال والإكرام (11/211).