وَعَنْ عائشة: أَنْ أَفْلَحَ - أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ - جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ. قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ, فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ, فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ. وَقَالَ: «إِنَّهُ عَمُّكِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث عائشة J: رواه البخاري (2644)، ومسلم (1445).
فقه الحديث:
مذهب داود الظاهري وجماعة من السلف: أن الحرمة بالرضاع لا تحصل بين المرتضع وزوج المرضعة وأقاربه، فقد قال D: ﴿ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِيٓ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ ﴾ [النساء: ٢٣]، ولم يذكر بنتَ الزوج والعمة كما ذكرها في النسب، وأيضًا اللبن الذي تحصل بسببه الحرمة لا ينفصل من الرجل، إنما ينفصل من المرأة.
وقال جمهور العلماء ومنهم ابن حزم: تحصل الحرمة بين المرتضع وزوج المرضعة وأقاربه، فيصبح الزوج أبًا له، وأولاد الزوج من غير المرضعة إخوانه، وأخواته من الأب وأخوات الزوج وإخوانه عمات للمرضع وأعمام؛ لأن هذا هو الثابت في السنة وإن خالف فيه من خالف، فعن عائشة J قالت: «أَنْ أَفْلَحَ -أَخَا أَبِي القُعَيْسِ- -وأبو القعيس زوجته أرضعت عائشة J - جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الحِجَابِ، قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ الله H أَخْبَرْتُهُ بِالذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنَّهُ عَمُّكِ»، يعني عمك من الرضاعة، فهو أخو أبي القعيس.
وفي رواية أن عائشة J قالت: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ -أبا القعيس- لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قَالَ: ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ».
وذكر بعض المحرمات من الرضاع في الآية لا يدل على عدم تحريم البعض الآخر، لا سيما وقد جاءت فيه الأحاديث الصحيحة.
والقياس الذي ذكره المخالف هو قياس في مقابلة النص، فلا يلتفت إليه، وأيضًا فإن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معًا.
وهذا هو الراجح.
([1]) فتح الباري (10/189)، بداية المجتهد (2/35)، شرح مسلم (10/17)، المغني (9/520)، المحلى مسألة (1860)، زاد المعاد (5/564).