2024/12/30
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي, وَقَدْ نَفَعَنِي, وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ فَجَاءَ زَوْجُهَا, فَقَالَ النَّبِيُّ

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي, وَقَدْ نَفَعَنِي, وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ فَجَاءَ زَوْجُهَا, فَقَالَ النَّبِيُّ : «يَا غُلَامُ! هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ, فَخُذْ بِيَدِ أَيُّهُمَا شِئْتَ». فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ, فَانْطَلَقَتْ بِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ

تخريج الحديث:

حديث أبي هريرة I: رواه أحمد (2/246)، وأبو داود (2274)، والنسائي (6/185)، والترمذي (1357)، وابن ماجه (2351)، وإسناده صحيح.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: تخيير الصبي المميز بين أبويه([1]):

اختلف العلماء في هذه المسألة:

فمذهب الشافعية، والمذهب عند الحنابلة: أن الصبي يخير بين أبويه، فأيهما اختار كانت الحضانة له، فقد خير النبي H غلامًا بين أبيه وأمه، فأخذ بيد أمه فانطلقت به، وثبت التخيير بين الأبوين عن عمر I، ولأنه إذا صار مميزًا فمال إلى أحد الأبوين دل على أنه أرفق به وأشفق عليه.

وإنما قدمت الأم في الصبي غير المميز؛ لعدم استغنائه عنها، فإذا صار مميزًا أمكنه الاستغناء عن الأم، فيتساوى والداه في حق حضانته.

ومذهب الحنفية والمالكية، ورواية لأحمد: أن الصبي لا يخير بين أبويه؛ لأنه لا قول له ولا يعرف ما ينفعه، فربما اختار من يلعب عنده ويترك تأديبه ويمكنه من شهواته.

واختلفوا في الأحق منهما:

فمذهب الحنفية، ورواية لمالك، ورواية لأحمد: أن الأب أحق به.

والمشهور عند المالكية أنه يبقى عند أمه.

والصحيح أنه يخير؛ لثبوت الدليل فيه.

والمشهور عند الفقهاء: أن هذا التخيير يكون في السن السابعة؛ لأن الغالب أن التمييز يقع في هذا السن، وهو مظنة التمييز، وهو السن الذي أمر الشرع وليه بأمره بالصلاة.

المسألة الثانية: تخيير الصبية المميزة بين أبويها([2]):

اختلف العلماء في أمرها:

فمذهب الحنفية والمالكية، والمشهور عند الحنابلة: أنها لا تخير بين أبويها، فلا دليل على تخييرها، ولا تقاس على الصبي؛ لأنها تحتاج من الحفظ والصيانة ما لا يحتاج إليه الصبي، وكل ما كان أستر لها وأصون كان أصلح لها.

واختلفوا في الأحق منهما:

فمذهب الحنفية والمالكية، ورواية لأحمد: أن الأم أحق بها؛ لأن تعلق البنات بالأم أكثر، ولأنها تحتاج إلى تعلم الأمور المنزلية، وهذا يؤخذ من الأم، واختاره ابن القيم وابن عثيمين رحمهما الله.

والصحيح عند الحنابلة: أن الأب أحق بها، لأنها تحتاج إلى حفظ وصيانة، والأم تحتاج هي لمن يحفظها ويصونها، ولأنها في سن يقارب سن الزواج، وتزويجها يكون من أبيها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية V: «يجتهد في تعيين أحدهما، فينظر من هو أكثر صيانة وحفظًا لها، فيقدم».

ومذهب الشافعية، ورواية لأحمد تخير بين أبويها كالغلام المميز، فكل سن خير فيه الغلام خيرت الجارية، وليس هنالك ما يقتضي التفريق.

وهذا هو الأرجح، والله أعلم.

 

([1]) المغني (11/415)، روضة الطالبين (6/59)، مجموع الفتاوى (34/112)، زاد المعاد (5/465)، الإنصاف (9/429).

([2]) المغني (11/418)، روضة الطالبين (6/509)، مجموع الفتاوى (34/114)، زاد المعاد (5/467)، الإنصاف (9/431).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1138