2024/12/30
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ; يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ, إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي, وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ,

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ; يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ, إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي, وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ, وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ; الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1170) 02- وَعَنْ عَائِشَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَ: «لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَنٌ فَيُرْجَمُ, وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ, وَرَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ فَيُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ, فَيُقْتَلُ, أَوْ يُصْلَبُ, أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

تخريج الحديثين:

حديث ابن مسعود I: رواه البخاري (687)، ومسلم (1676).

حديث عائشة J: رواه أبو داود (4353)، والنسائي (7/91) وغيرهما، وإسناده صحيح.

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: حد من قتل مؤمنًا متعمدًا([1]):

أجمع العلماء على أن من كان عاقلًا بالغًا مختارًا، وقتل متعمدًا مؤمنًا معصوم الدم حرًّا ذكرًا، كان أو أنثى؛ أنه يقتل به، وقد باء بإثم كبير، قال تعالى: ﴿ وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ [المائدة: ٤٥]، وقال H: «لَا يَحِلُّ دَمُ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ:... وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ...»، وفي رواية: «وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ».

وأجمعوا على أنه يقتل به، ولو كان المقتول مجدوع الأطراف، ومعدوم الحواس، أو كان صغيرًا أو مجنونًا، وكان القاتل صحيحًا سوي الخلقة بالغًا عاقلًا، وكذلك إن تفاوتا في الغنى والفقر، والقوة والضعف، والعلم والشرف.

وإذا كان القاتل صغيرًا أو مجنونًا؛ فلا يقتل بمن قتل، بلا خلاف بين العلماء، وتلزم الدية على العاقلة؛ لأن القلم مرفوع عن الصغير والمجنون، ولأن عمدهما كالخطأ، لفقدان الأهلية منهما.

وإذا كان القاتل مكرهًا؛ فمذهب الحنفية والظاهرية وبعض الشافعية: أنه لا يقتل بمن قتل؛ لأن الله عفا عن أمة محمد H الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ولأنه صار كالآلة في يد المكرِه؛ فعليه: يقتل المكرِه، وهو الآمر، لا المكرَه وهو المأمور.

وذهب جمهور العلماء إلى أن المكرَه - وهو المأمور - يقتل أيضًا؛ لأنه قتل ظلمًا وعدوانًا لإخلاص نفسه، وكان الواجب عليه الامتناع ولو قُتل، ما دام أن هنالك نفسًا ستقتل ولابد، لهذا هو آثم باتفاق العلماء، فيقتل الآمر والمأمور.

وهذا هو الراجح.

وإذا كان المقتول ليس معصوم الدم، كما لو كان زانيًا محصنًا، أو قاتل نفس، أو مرتدًا؛ فإن القاتل لا يقاصص به، لأنه مباح الدم وقتله متحتم، فقد قال النبي H: «لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: زَانٍ مُحْصَنٌ فَيُرْجَمُ، وَرَجُلٌ يَقْتُلُ مُسْلِمًا مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ، وَرَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ الإِسْلَامِ...، ومعناه: أن دم هؤلاء مباح، فيشترط في القصاص أن يكون المقتول معصوم الدم، وعلى الحاكم أن يعزره.

وهذا مذهب الجمهور، وهو الراجح.

وأما إذا كان المقتول عبدًا مسلمًا لا حرًا؛ فسيأتي الكلام عليه .

المسألة الثانية: إذا مات القاتل قبل استيفاء القصاص([2]):

وجبت الدية في تركته، لأن الواجب عليه القصاص أو الدية، فإذا فات أحدهما تعين الآخر، كسائر المتلفات إذا تعذر المثل وجبت القيمة.

وهذا مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية، وهو الراجح.

ومذهب الحنفية والمالكية: أنه يسقط حق أولياء المقتول، فلا تؤخذ الدية من تركته؛ لأن محل الاستيفاء قد فات، والدية لا تجب إلا برضى القاتل واختياره.

تنبيه: سيأتي الكلام - إن شاء الله - على حد المحاربة في باب (قتل أهل البغي).

 

([1]) المغني (11/455، 457، 472، 481، 500)، المحلى مسألة (2089)، بداية المجتهد (2/396)، الإنصاف (9/453، 462)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5639، 5667، 5703).

([2]) المغني (11/480)، فتح باب العناية (3/336)، الإنصاف (10/6)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5688).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1143