وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ, وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ, وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ سَمُرَةَ, وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيِّ: «وَمَنْ خَصَى عَبْدُهُ خَصَيْنَاهُ». وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ.
تخريج الحديث:
حديث سمرة I: رواه أحمد (5/10)، وأبو داود (4515)، والنسائي (8/21)، والترمذي (1414)، وابن ماجه (2663)، والحديث ضعيف، فهو من رواية الحسن البصري عن سمرة I، والحسن مدلس ولم يصرح بالسماع من سمرة I.
فقه الحديث:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الحر لا يقاصص به، وكذلك إذا جنى على عضو من أعضائه، وإنما عليه الدية؛ لأن العبد لا يكافئ الحر، وقد قال E:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰ ﴾ [البقرة: ١٧٨]، فيفهم منه: أن العبد يساويه العبد، ولا يساويه الحر؛ فلا يقتل به.
وأما الرجل فيقتل بالمرأة، لإجماع العلماء على ذلك، فيستثنى من الآية.
ولما رواه الدارقطني (3/142)، والبيهقي (8/36) عن عمر I أن النبي H قال: «لا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ»، وعن علي I قال: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لا يُقْتَلَ حُرٌّ بِعَبْدٍ»، رواه ابن أبي شيبة (6/364)، والبيهقي(8/36)، وهي أحاديث ضعيفة، وجاء هذا القضاء عن أبي بكر وعمر L، ولا يصح عنهما.
ومذهب الحنفية والظاهرية وجماعة من السلف: أن الحر يقتل بالعبد؛ لأنه آدمي مسلم معصوم الدم، ولعموم الآيات والأحاديث التي تنص على قتل النفس بالنفس، دون تفريق بين عبد أو حر، وهكذا القصاص في الأطراف، العين بالعين... إلخ.
وفي حديث سمرة I أن النبي H قال: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ»، والجدع: القطع، وفي رواية: «وَمَنْ خَصَى عَبْدُهُ خَصَيْنَاهُ»، والخصي نزع الخصيتين.
والآية السابقة المفهومُ منها: أن الحر لا يقتل بالعبد ليس مرادًا، بدليل قوله: ﴿ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰ ﴾، ولا شك أن مفهومها ليس مرادًا، بدليل إجماعهم على أن من قتل امرأة مسلمة أنه يقتل بها، فيكون المراد من الآية: الرد على ما كان يفعله بعض القبائل، لا يرتضون أن يقتلوا في عبدهم إلا الحر، ولا في نسائهم إلا الرجل، فأبطل الله D هذا.
وهذا القول هو الأرجح، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين رحمهما الله.
([1]) المغني (11/473)، الإنصاف (9/464)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5670)، فتح ذي الجلال والإكرام (3/50).