وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ, فَسَأَلُوهَا: مَنْ صَنَعَ بِكِ هَذَا? فُلَانٌ. فُلَانٌ. حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا. فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا, فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ, فَأَقَرَّ, فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
تخريج الحديث:
حديث أنس بن مالك I: رواه البخاري (2413)، ومسلم (1672).
فقه الحديث:
لا خلاف بين العلماء أنه يقتل بالمسلم، فقد قتل النبي H يهوديًا قتل جارية مسلمة.
مذهب الحنفية، ورواية لأحمد: أن القصاص لا يستوفى إلا بالسيف، ولا يقتل الجاني بمثل ما قتل، وقد جاء عن جماعة من الصحابة أن النبي H قال: «لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ»، رواه ابن ماجه (2668)، والدارقطني (3/87)، والبيهقي (8/42، 62)، ولا يصح([3])، ولأنه لا يؤمَن معه من الزيادة على ما فعله الجاني.
ومذهب المالكية والشافعية والظاهرية، ورواية لأحمد: أن الجاني يقتل بمثل ما قتل به المجني عليه، فإن قتله بحجر قتل بحجر، وإن قتله بخنق قتل بخنق، وإن قتله بهدم قتل بهدم، لعموم قوله E: ﴿ وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦ ﴾ [النحل: ١٢٦]، وقد قتل يهودي جارية رَضَّ رأسها بين حجرتين، فأمر رسول الله H أن يرض رأسه بين حجرتين –أي: يدق بين حجرتين حتى يموت-، ولأن هذا مقتضى العدل.
وقد روى البيهقي (8/43) بإسناد ضعيف عن البراء بن عازب L أن النبي H قال: «مَنْ عَرَضَ عَرَضْنَا لَهُ، وَمَنْ حَرَقَ حَرَقْنَاهُ، وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ».
ولا بأس بقتله بالسيف.
وهذا القول هو الراجح.
ولو قتله بحرق يقتل بالحرق أيضًا، والنهي عن التعذيب بالنار يستثنى لأجل العدل في القصاص، وهذا مذهب الشافعي والظاهرية، والمشهور عند المالكية، ورواية لأحمد.
الآلة المستخدمة في القتل على نوعين:
الأول: القتل بالمحددات.
والمحدد: هو ما يقطع ويدخل في البدن، كالسيف والسكين والرمح والزجاج والرصاص، والقتل بالمحدد يعتبر قتلًا عمدًا يوجب القصاص، بلا خلاف بين العلماء.
الثاني: القتل بالمثقلات.
والمثقل: غير المحدد، كالحجر الثقيل والخشبة الكبيرة والمطرقة وإلقاء الحائط على المجني أو الصخرة، ما دام أن هذا المثقل تزهق به الروح في الغالب.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن القتل بالمثقلات يعتبر من القتل العمد ويوجب القصاص، فقد قتل اليهودي الجارية برض رأسها بين حجرتين فوجب عليه القصاص.
([1]) المغني (11/481).
([2]) المحلى (10/370)، بداية المجتهد (2/404)، المغني (11/512)، حاشية الدسوقي (6/222)، الإنصاف (9/490)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5685).
([3]) ضعفه الألباني في الإرواء (2229).
([4]) شرح مسلم (11/132)، تفسير القرطبي (5/211)، روضة الطالبين (8/7)، المغني (11/447)، فتح الباري (14/183).