وَعَن عمرو بن شعيب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ, وَلَا يَقْتَلُ صَاحِبُهُ, وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ, فَتَكُونُ دِمَاءٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ, وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ». أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَضَعَّفَهُ.
تخريج الحديث:
هذا الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: رواه أحمد (2/183)، وأبو داود (4565)، والدارقطني (3/95)، والبيهقي (8/71)، وإسناده حسن.
فقه الحديث:
عامة العلماء على أن دية العمد مغلظة من ناحية الصفة، فليس فيها ذكور، فكلها إناث، والأنثى أغلى ثمنًا من الذكر، وأيضًا فيها خلفة - أي: في بطونها أولادها -، كما ثبت عن النبي H، وعليه جمهور السلف، وأيضًا لأن وقتها حال، فليست مؤجلة الدفع.
ودية شبه العمد –كذلك- دية مغلظة عند كثير من العلماء، فقد ثبت عن النبي H أن منها أربعون خلفة، أي: في بطونها أولادها، وعليه جمهور السلف.
وأما من ناحية الدفع؛ فليست مغلظة، لأن الدفع فيها مؤجل عند جمهور العلماء -كما سبق-، وقد قال رسول الله H: «عَقْلُ شِبْهِ العَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ العَمْدِ –أي: من حيث صفة الإبل -، وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ –أي: ينزغ بين الناس ويهيجهم على القتال-، فَتَكُونُ دِمَاءٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ –أي: حقد وعداوة-، وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ»، فغلظت دية العمد من ناحية قصد الجناية، وخففت من ناحية عدم قصد القتل، فهو كالخطأ.
وأما دية الخطأ؛ فهي مخففة عند جميع العلماء، ففيها ذكور، ابن لبون أو ابن مخاض، وليس فيها خلفة، وهي مؤجلة الدفع - كما سبق -.
اتفق الفقهاء على أنه يجوز لأولياء القاتل أن يفتدوا قاتلهم عمدًا بأكثر من الدية؛ لأنه عوض عن غير مال، فجاز بحسب الاتفاق، كمهر المرأة، وقد ثبت عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله H قال: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ»، رواه أحمد (2/183)، وأبو داود (4541)، والترمذي (1387)، وابن ماجه (2626)، والشاهد قوله: «وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ».
([1]) يراجع ما سبق في مقدار الدية ووقت دفعها.
([2]) المغني (11/595)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5695).