وَعَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ شُرَيْحٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمَرَكُمْ جَمِيعٌ, يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ, فَاقْتُلُوهُ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث عرفجة بن شريح I: رواه مسلم (1852).
فقه الحديث:
أجمع العلماء على مقاتلتهم عند توفر الشروط المطلوبة وانتفاء الموانع، فقد قال D: ﴿ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي ﴾ [الحجرات: ٩]، وقال H: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرَكُمْ جَمِيعٌ، يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ»، وفي ]صحيح مسلم[ عن ابن عمرو L قال: قال رسول الله H: «وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ»، وفي ]صحيح مسلم[ عن أبي سعيد I قال: قال رسول الله H: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»، وما جاء عن علي I من قتاله أهل الجمل وصفين والنهروان.
يلزم قبل قتالهم: مناقشتهم ومناصحتهم، وإزاحة حججهم، وإزالة شبههم، ثم وعظهم وتخويفهم بالقتال؛ لأن المقصود كف ودفع شرهم، لا قتالهم، فإن أمكن بمجرد القول؛ فهو المطلوب.
فإن لم يُجدِ بهم كل ذلك، وتهيئوا للقتال؛ فالمذهب عند الحنفية: أن الإمام يقاتلهم ولو لم يبدؤوا بالقتال؛ لأن في انتظار بدءهم بالقتال ذريعة لتقويتهم ولزيادة شرهم، وقد صاروا عصاة فجاز قتالهم ابتداءً.
ومذهب جمهور العلماء: لا يقاتلوا حتى يبدؤوا هم بالقتال، فقتالهم لدفع شرهم، كالصائل يهجم على المسلم، فلا يقاتلون إلا دفاعًا، وهذا يفهم من ظاهر قوله E: ﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِ ﴾ [الحجرات: ٩].
وهذا هو الراجح.
|
([1]) المغني (12/237، 243)، تفسير القرطبي (16/208)، شرح مسلم (14/234)، قتال البغاة لابن تيمية (ص/67)، مجموع الفتاوى (4/438، 445)، فتح الباري (14/530).
([2]) المراجع السابقة، والموسوعة الفقهية الكويتية (8/138).