وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ I قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : «لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ, فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ, فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ, لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ, وَالنَّسَائِيِّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: «فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ».
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (6902)، ومسلم (2158).
وعند أحمد (2/385)، والنسائي (8/61)، وابن حبان (6004): «فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ»، وإسناده صحيح.
فقه الحديث:
اتفق الفقهاء أنه إذا أدخل رأسه، فرماه صاحب الدار بحجر، ففقأ عينه؛ أنه لا يضمن، فلا قصاص عليه ولا دية، فقد قال النبي H: «لَوْ أَنَّ اِمْرًا اِطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ –أي: رميته-، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ -أي قلعتها-، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ –أي: لا شيء عليك-»، وفي رواية: «فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ».
وأما إذا نظر من ثقب، أو شق في باب، أو نافذة، فرماه صاحب الدار، ففقأ عينه؛ فقد اختلفوا في تضمينه:
القول الأول: يضمن صاحب الدار، فعليه قصاص أو دية؛ لأن مجرد النظر بالعين لا يبيح الجناية على الناظر.
وهذا مذهب الحنفية والمالكية.
القول الثاني: لا يضمن، فلا قصاص عليه ولا دية، فقوله H: «لَوْ أَنَّ اِمْرأً اِطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ»، لفظ عام، لم يفرق بين كيفيات الاطلاع، ولكن هذا يشترط فيه أن يرميه بشيء خفيف كالحصاة، فقوله: «فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ» إشارة إلى صغر ما يرمى به.
أما إذا رماه بثقيل كالحجر والحديدة؛ فإنه يضمن، لأنه متعدٍّ، فليس له إلا ما يقلع به العين المبصرة التي حصل الأذى منها بدون التعدى إلى غيرها.
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وهو الراجح.
([1]) المغني (12/539)، شرح مسلم (14/116)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/4848).