وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ». رَوَاهُ الْمَذْكُورُونَ, وَصَحَّحَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.
تخريج الحديث:
حديث رافع بن خديج I: رواه أحمد (3/463)، وأبو داود (4388)، والنسائي (8/86)، والترمذي (1449)، وابن ماجه (2593) وغيرهم، وأكثر الرواة يرويه عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن رافع بن خديج I، وهذا منقطع.
ورواه بعض الحفاظ عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج I، وهذا متصل، وهي زيادة مقبولة؛ فالسند صحيح.
وقد صحح الحديث الشيخ الألباني V([1]).
فقه الحديث:
المسألة الأولى: قطع اليد في السرقة من ثمر البستان([2]):
قال بعض العلماء: تقطع يد من سرق الثمر من البستان إذا بلغ النصاب الشرعي الذي تقطع به اليد؛ لأن البستان يعتبر حرزًا للثمر، وحديث رافع بن خديج I ضعيف.
ومذهب جمهور العلماء: أنه لا تقطع يد من سرق من ثمار البستان ولو بلغ نصابًا، فقد قال النبي H: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ»، والكثر: جمّار النخل، وهو شحمه الذي وسط النخلة، فيُخَص حرز البستان من سائر المحروزات، أو أنه ليس بحرز أصلًا، ولكن لا بد من تعزيره وتأديبه.
وهذا هو الأرجح.
المسألة الثانية: قطع اليد في السرقة من الطعام الرطب([3]):
المشهور عند الحنفية: أنها لا تقطع اليد في الطعام الرطب الذي يتسارع إليه الفساد، كالفواكه والخضروات، ولو كان في حرز، لأنه معرض للهلاك، فأشبه ما لا حرز له.
وعلى هذا يحمل ما جاء عن رسول الله H أنه قال: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ»؛ لأنه يتسارع الفساد إليه لرطوبته.
ومذهب جمهور العلماء: أن اليد تقطع في سرقة الطعام الرطب أو اليابس، بلا فرق إذا كان في حرز وبلغ النصاب الذي تقطع في سرقته اليد، لعموم الأدلة.
وحديث رافع بن خديج I يحمل على ما ليس في حرز، أو أنه خاص في حرز البستان.
وهذا هو الراجح.
([1]) الإرواء (2414).
([2]) المغني (12/427).
([3]) التمهيد لابن عبد البر (23/313)، بداية المجتهد (2/450)، المغني (12/424).