وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا سَرَقَ. قَالَ: «اقْطَعُوهُ» فَقَطَعَ, ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةِ, فَقَالَ «اقْتُلُوهُ» فَذَكَرَ مِثْلَهُ, ثُمَّ جِيءَ بِهِ الرَّابِعَةِ كَذَلِكَ, ثُمَّ جِيءَ بِهِ الْخَامِسَةِ فَقَالَ: «اُقْتُلُوهُ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنِّسَائِيُّ, وَاسْتَنْكَرَهُ.
(1252) 13- وَأَخْرُجَ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ نَحْوَهُ. وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْقَتْلَ فِي الْخَامِسَةِ مَنْسُوخٌ.
تخريج الحديثين:
حديث جابر I: رواه أبو داود (4410) والنسائي (8/90)، وفي سنده مصعب بن ثابت، لين الحديث، وقال النسائي: «هذا حديث منكر»، وللحديث طرق أخرى ضعيفة، رواها الدارقطني (3/181).
وحديث الحارث بن حاطب I: رواه النسائي (8/90) والحاكم (4/382)، والأمر فيه بقتله في الخامسة ذكر أنه قضى به أبو بكر I في خلافته. ورجال سنده ثقات، لكن قال الذهبي: «حديث منكر([1])».
وقد صحح الشيخ الألباني حديث جابر بشواهده([2])، وقال البيهقي: «هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضًا([3])».
فقه الحديثين:
مذهب الظاهرية: أنه إذا سرق الثانية قطعت يده الأخرى، فقد نصت الآية على قطع اليد.
ومذهب جمهور العلماء: أنه إذا سرق ثانية تقطع الرجل اليسرى، فقد صح هذا عن أبي بكر وعمر وعلي M، وجاء عن غيرهم.
وهو الراجح؛ أخذًا بقضاء الصحابة.
فإن سرق ثالثة ورابعة؛ فمذهب المالكية والشافعية، ورواية لأحمد: تقطع اليد اليسرى في الثالثة، وتقطع الرجل اليمنى في الرابعة، فعن جابر I أن رجلًا سرق فأمر النبي H بقطعه فقطع، «ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: اقْطَعُوهُ»، وهكذا في الثالثة والرابعة، وصح هذا عن عمر I.
ومذهب الحنفية والظاهرية، والمشهور عند الحنابلة: لا قطع في الثالثة والرابعة، وإنما يحبس ويضرب، حتى يستطيع القيام بشؤونه من وضوء وأكل وشرب وقضاء حاجه.
وحديث جابر I ضعيف، وصح هذا عن علي I.
فعلى ثبوته؛ يكون القول الأول، هو الأرجح، وإلا فالقول الثاني.
فإن سرق الخامسة، فقال بعض العلماء: يقتل؛ لحديث جابر I.
وقال جمهور العلماء: لا يقتل، لكن يسجن ويضرب، فحديث جابر I ضعيف أو منسوخ، أو أنه من باب التعزير الراجع للإمام، أو أنه في حق من أفسد في الأرض.
وهذا هو الراجح.
([1]) التلخيص مع مستدرك الحاكم (4/382).
([2]) الإرواء (2434).
([3]) سننه (8/273).
([4]) المغني (12/440، 446)، المحلى مسألة (2283)، المفهم للقرطبي (5/75)، فتح الباري (14/53)، الإنصاف (10/285).