2024/12/30
عَنْ مُعَاوِيَةَ  عَنِ النَّبِيِّ  أَنَّهُ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ: «إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ, ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّانِيَةِ فَاجْلِدُوهُ, ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَةِ فَاجْلِدُوهُ

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ  عَنِ النَّبِيِّ  أَنَّهُ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ: «إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ, ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّانِيَةِ فَاجْلِدُوهُ, ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَةِ فَاجْلِدُوهُ, ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَةِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَهَذَا
لَفْظُهُ, وَالْأَرْبَعَةُ.

وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ, وَأَخْرَجَ ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ صَرِيحًا عَنْ الزُّهْرِيِّ.

تخريج الحديث:

حديث معاوية I: رواه أحمد (4/93)، وأبو داود (4482)، والنسائي في الكبرى (5/14)، والترمذي (1444)، وابن ماجه (573) وغيرهم، وإسناده صحيح، وله شواهد عديدة.

وحديث الزهري V: يرويه عن قبيصة بن ذؤيب، رواه أبو داود (4485)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/161) وغيرهما، وفيه: «فَرَفَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ رُخْصَةً فَثَبَتَتْ»، وقبيصة ولد في عام الفتح، فروايته عن رسول الله H مرسلة، فهو يعد من كبار التابعين على المشهور عند أهل العلم.

وجاء من حديث جابر I بنحوه، رواه الترمذي (6/177)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/161)، والبيهقي (8/312) وغيرهم، والصحيح فيه الإرسال.

فالظاهر أن الحديث حسن لغيره بمجموعهما.

فقه الحديث:

مسألة: قتل شارب الخمر([1]):

مذهب الظاهرية: أن شارب الخمر إذا شرب في المرة الرابعة أنه يقتل، فقد قال النبي H: «إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَةِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ».

ومذهب جمهور العلماء: أن شارب الخمر لا يقتل في الرابعة ولا فيما بعدها، والأحاديث التي فيها الأمر بقتله منسوخة، ففي ]صحيح البخاري[ عن
عقبة بن الحارث I: «أَنَّ النَّبِيَّ H أُتِيَ بِنُعَيْمَانَ أَوْ بِابْنِ نُعَيْمَانَ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ مَنْ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ، -وفي رواية: «فَقَالَ رَجُلٌ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ H: لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ، مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»-، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَكُنْتُ فِيمَنْ ضَرَبَهُ».

وإسلام عقبة بن الحارث I كان في فتح مكة، وحضر المدينة بعد الفتح جزمًا، فهذا دليل على أن هذه القصة كانت متأخرة، والمتأخر ينسخ المتقدم.

وأصرح منه: ما جاء عن قبيصة وغيره أنه قال: «فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ فِي الرَّابِعَةِ فَجَلَدَهُ، فَرَفَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ رُخْصَةً فَثَبَتَتْ».

ومذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم: أنه لا يقتل في الرابعة، إلا إذا رأى الإمام ذلك من باب المصلحة، إذا لم ينزجر الناس إلا بهذا وشاع أمر الشرب، فقد أمر النبي H بقتل الشارب في الرابعة، وترك قتل بعضهم؛ لعدم وجود المصلحة في ذلك.

وهذا القول قوي، إلا أن القول بالنسخ أقوى، لحديث قبيصة ومن معه.

 

([1]) شرح مسلم (11/182)، المغني (12/500)، مجموع الفتاوى (34/217)، تهذيب سنن أبي داود مع عون المعبود (12/57)، فتح الباري (14/30)، الإنصاف (10/230، 249).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1207