وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ , عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(1264) 12- وَعَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ; أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ L سَأَلَ النَّبِيَّ H عَنْ الْخَمْرِ يَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ? فَقَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ, وَلَكِنَّهَا دَاءٌ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا.
تخريج الحديثين:
حديث أم سلمة J: رواه البيهقي (10/5)، وابن حبان (1388) وفيه حسان بن مخارق مجهول الحال، وجاء عن ابن مسعود I موقوفًا عليه بإسناد صحيح([1])، وجاء بنحوه من حديث أبي الدرداء I رواه أبو داود (3814)، وغيره، وفي إسناده ثعلبة بن مسلم، مجهول الحال، فالحديث حسن لغيره.
حديث وائل الحضرمي: رواه مسلم (1984).
فقه الحديثين:
المشهور عند الشافعية: أنه يجوز التداوي بالمحرم كالنجس إذا ثبت نفعه، ففي ]الصحيحين[ أن النبي H أمر العرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل، ويستثنى التداوي بالخمرالصرف، فهو داء وليس بدواء.
وما جاء من النهي عن التداوي بالمحرم؛ فذلك إذا كان بدون حاجة، لوجود ما يغني عنه، أو إذا كان يسبب الضرر.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يحرم التداوي بالمحرمات من خمر ونجس وغيرهما، فقد سئل النبي H عن الخمر تصنع للدواء فقال: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ »، وقال: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ»، ولأن الشرع إنما حرمها لخبثها والصيانة لهم، فلا يناسب أن يطلب بها الشفاء من الأسقام والعلل، ولو حصل بها عافية من المرض، لكنه يعقبه سقمًا ومرضًا أعظم.
وأيضًا في إباحة التداوي به تسهيلًا لاستخدامه، لا سيما إذا كانت النفوس تميل إليه.
وأبوال الإبل طاهرة على الصحيح، ولو كانت نجسة فالإذن خاص بها.
تنبيه: شاع في هذه الأزمنة إضافة بعض الكحول إلى بعض الأدوية، والكحول مسكر، والذي قررته بعض المجامع الفقهية واللجنة الدائمة وجماعة من العلماء كابن عثيمين أن مادة الكحول المضافة إلى الدواء إذا كانت يسيرة لا يحصل الإسكار بهذا الدواء، ولو شرب منه الكثير؛ فلا بأس به، وإذا كانت كثيرة؛ فيحرم هذا الدواء، لأنه يكون مسكرًا بالإكثار من شربه.
والكحول الآن تستعمل في كثير من الأدوية، كمذيب لبعض المواد القلوية والدهنية التي تذاب في الماء، وعلى الأطباء الابتعاد عن وصف الأدوية المشتملة على الكحول ما أمكن([3]).
([1]) رواه البخاري (11/208) معلقا ووصله غيره، تغليق التعليق (5/29).
([2]) شرح مسلم (13/130)، معالم السنن (4/205)، مجموع الفتاوى (19/61)، (21/562)، فتح الباري (11/210)، زاد المعاد (4/155)، الإنصاف (10/229)، نيل الأوطار (5/446).
([3]) فتاوى اللجنة الدائمة (22/110، 119)، مجموع فتاوى ابن عثيمين (17/30، 47)، (11/256)، فقه النوازل للجيزاني (4/178)، رسالة حكم الدواء إذا دخل في تكوينه الكحول. لفيصل مولوي. أحكام النوازل للقحطاني (ص/695).