- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ, وَقَطَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عمر : رواه البخاري (4031)، ومسلم (1746).
فقه الحديث:
ذهب بعض السلف والإمام أحمد في رواية إلى عدم جوازه؛ لما فيه من إتلاف محض للمال، إلا إذا وجدت حاجة لهذا، كما لو كان العدو يستتر بها، فتمنع من قتالهم.
وذهب جمهور العلماء إلى جواز حرق أشجار وزرع العدو؛ لأجل إغاظتهم وإضعاف معنوياتهم، فقد قال E: ﴿ مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّينَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰٓ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيُخۡزِيَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ٥ ﴾ [الحشر: ٥]، وقال ابن عمر L: «حَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ H نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ –أي: أشجارهم-».
ويحرم هذا الفعل إذا كان فيه إضرار بالمسلمين، لكونهم ينتفعون به بأكل ثماره أو لعلف بهائمهم.
وهذا القول هو الراجح، لثبوته في الشرع.
المسألة الثانية: إفساد أموال العدو من غير الأشجار والمزارع([2]).
اختلف العلماء في هذه المسألة؛
فمذهب أبي حنيفة ومالك ورواية لأحمد أنه جائز، لأن فيه إغاظة للعدو وإضعافًا لقوتهم، فأشبه قتلهم وتحريق أشجارهم ومزارعهم.
ومذهب الشافعي والظاهرية والصحيح عند الحنابلة أنه لا يجوز ذلك، لما فيه من إضاعة مال، وقد ثبت عن أبي بكر I أنه قال لأمير جيشه: «وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً، وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ».
ولأن المال له حرمة، فلا يتلف منه إلا ما دل عليه الشرع، ولم يؤثر عن النبي H أنه عقر شياه ودواب العدو لأجل إغاظتهم.
وهذا القول هو الأرجح، إلا إذا وجدت ضرورة لفعله، أو مصلحة يراها قائد الجيش.
([1]) المغني (13/146)، المحلى (5/345)، فتح الباري (6/264)، مشارع الأشواق (2/1024)، الإنصاف (4/127)، أحكام المجاهد (1/424).
([2]) المغني (13/143)، المحلى (4/345)، الحاوي الكبير (14/191)، الإنصاف (4/126)، أحكام المجاهد (1/430).