وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ : أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا, ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ».
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
تخريج الحديث:
حديث جبير بن مطعم I: رواه البخاري (3139).
فقه الحديث:
المشهور عند الحنفية: أنه لا يجوز المن على الأسير بالعفو، وقوله E:
﴿ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً ﴾ [محمد: ٤]. وما جاء عن رسول الله H من المن على بعض الأسرى بالعفو؛ فهو منسوخ بقوله E: ﴿ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ ﴾ [التوبة: ٥]، ولأنه يخشى أن يعود حربًا على المسلمين.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يجوز للإمام المن عليه بالعفو، بإطلاقه بدون فداء، إذا وجدت مصلحة في ذلك، كأن يرجى إسلامه، أو كان حسن الرأي بالإسلام، أو لشفاعة بعض كبار الكفار فيه، كأن يرجى إسلام الشافع، أو كان يدافع عن المسلمين، أو كان حسن الرأي بالإسلام.
فقد من النبي H على ثمامة بن آثال I وكان أسيرًا بيده، ومنَّ على سبي هوازن بإطلاقهم، وعلى أهل مكة يوم الفتح، وقال في أسرى بدر: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا -وقد كان يدافع عن النبي H في مكة ومات كافرًا-، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ –أي: لأطلقتهم لأجله بدون فداء».
وهذه وقائع لا دليل على نسخها، ولا على نسخ الآية السابقة.
([1]) المغني (13/45)، شرح السنة (11/78)، بداية المجتهد (1/382)، تفسير القرطبي (16/227)، مشارع الأشواق (2/1044)، آثار الحرب للزحيلي (ص/430، 452).