2024/12/31
عَنْ الْمِسْوَرِ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَمَرْوَانُ; أَنَّ النَّبِيَّ  خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ… فَذَكِّرْ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ, وَفِيهِ: «هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرِوٍ:

وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَمَرْوَانُ; أَنَّ النَّبِيَّ  خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكِّرْ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ, وَفِيهِ: «هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرِوٍ: عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرِ سِنِينَ, يَأْمَنُ فِيهَا النَّاسُ, وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.

تخريج الحديث:

حديث المسور بن مخرمة I ومروان بن الحكم V: رواه أحمد (4/325)، وأبو داود (2766)، وإسناده حسن، فقد صرح ابن إسحاق بالسماع في بعض طرقه. وأصل الحديث في البخاري (2731)، وليس فيه تحديد مدة الصلح بعشر سنين.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: اشتراط وجود المصلحة لجواز الهدنة مع الكفار([1]):

أجمع الفقهاء على عدم جواز الهدنة مع الكفار إلا لمصلحة للمسلمين، لضعف حالهم أو للترغيب بالإسلام، فقد كان صلح رسول الله H مع قريش لضعف حال المسلمين، لا سيما مَن هم في مكة من المسلمين، ففي الحديث قال: «صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِوٍ:... يَأْمَنُ فِيهَا النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ».

والصحيح الذي عليه الجمهور: أنه لا يشترط دوام المصلحة لدوام الهدنة، فيكفي وجود المصلحة عند العقد، لعموم قوله E: ﴿ فَمَا ٱسۡتَقَٰمُواْ لَكُمۡ فَٱسۡتَقِيمُواْ لَهُمۡ [التوبة: ٧]، وقوله E: ﴿ فَأَتِمُّوٓاْ إِلَيۡهِمۡ عَهۡدَهُمۡ إِلَىٰ مُدَّتِهِمۡ [التوبة: ٤]، فيغتفر في الأثناء ما لا يغتفر في الابتداء، إلا إذا خانوا أو غدروا فتنتقض الهدنة.

المسألة الثانية: من له حق المهادنة مع الكفار([2]):

عامة العلماء على أنها خاصة بالإمام أو من ينوب عنه؛ لعظم هذا الأمر، ولأنه عقد مع جملة الكفار، وليس كالأمان، ولأنها تحتاج إلى معرفة بالمصلحة وسعة النظر، والإمام أعرف بالمصلحة وأقدر على التدبير.

المسألة الثالثة: مدة الهدنة([3]):

عامة العلماء على أن مدة الهدنة لابد أن تكون مقدرة بأجل معين، فلا تصلح مطلقة من غير تقدير، حتى لا يؤدي إلى تعطيل الجهاد وحصول الخور من المسلمين.

وقال ابن تيمية V: «تصح مطلقة بغير تقدير إذا وجدت مصلحة»، واختاره الشيخ ابن باز V([4]).

واختلفوا في أقصى مدة الهدنة:

فمذهب الشافعية ورواية للحنابلة: أنها لا تزيد عن عشر سنين، فقد قال E: ﴿ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ [التوبة: ٥]، وهذا عام، فخص منه العشر السنين لمصلحة، كما فعل النبي H مع قريش يوم الحديبية، قال: «هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرِوٍ: عَلَى وَضْعِ الحَرْبِ عَشْرِ سِنِينَ، يَأْمَنُ فِيهَا النَّاسُ».

ومذهب المالكية والحنفية، والصحيح عند الحنابلة، ووجه للشافعية: أنها تجوز لأكثر من عشر سنين، فيرجع الأمر لاجتهاد ولي أمر المسلمين، بحسب الحاجة والمصلحة، ولا دليل على عدم جوازها فوق العشر.

وهذا هو الراجح.

 

([1]) المغني (13/154)، فتح الباري (6/413)، شرح السنة (11/161)، آثار الحرب (ص/348، 361).

([2]) المغني (13/157، 213)، كتاب المعاهدات (ص/197)، كتاب قواعد الحرب (ص/200).

([3]) المغني (13/155)، زاد المعاد (3/146)، فتح الباري (6/421)، الإنصاف (4/212، 213)، شرح السنة (11/161)، الشرح الممتع (8/55)، المعاهدات الدولية في الإسلام للزحيلي (ص/147).

([4]) الإخوان المسلمون والإفلاس السياسي (ص/528).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1257