2024/12/31
عَنِ ابْنِ عُمَرَ  أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقُنْفُذِ, فَقَالَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ...

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ  أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقُنْفُذِ, فَقَالَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ... } الآية [الأنعام: 145]، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذَكَرَ عِنْدَ النَّبِيِّ  فَقَالَ: «خَبْثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

تخريج الحديث:

حديث ابن عمر وأبي هريرة M: رواه أحمد (2/381)، وأبو داود (3793)، وإسناده ضعيف، ففيه عيسى بن نميلة الفزاري وأبوه مجهولان، والراوي له عن أبي هريرة I مبهم.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الأصل في الأطعمة([1]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الأصل في الأطعمة الحل، ولا يحرم منها إلا ما نص الشرع على تحريمه، فقد قال D: ﴿ قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٖ فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ أَوۡ فِسۡقًا أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ [الأنعام: ١٤٥]، فدلت الآية على أنه لا يحرُم من الأطعمة إلا ما نص الشرع على تحريمه.

وقال B: ﴿ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِ [الأنعام: ١١٩].

المسألة الثانية: أكل ما نص الشرع على أنه خبيث([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن ما نص عليه الشرع أنه خبيث؛ فهو دليل على تحريم أكله، إلا ما استثناه الشرع، فقد قال B: ﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ [الأعراف: ١٥٧].

وأما ما استثناه الشرع من الخبائث؛ فيكون حلالًا، كالثوم وصفه الشرع بأنه خبيث، ونص النبي H على حل أكله.

المسألة الثالثة: أكل القنفذ([3]):

وهو الحيوان الذي يشبه الأرنب أو أكبر وعليه شوك كبير.

اختلف العلماء في حكم أكله:

فمذهب الحنفية والحنابلة: أنه لا يجوز أكله، فقد ذكره النبي H من الخبائث فقال: «خِبْثَةٌ مِنْ الخَبَائِثِ»، والخبائث محرمة، وأيضًا لأنه يأكل الحشرات.

ومذهب جمهور العلماء أنه يحل أكله؛ فلم يثبت عن النبي H أنه حرمه.

وقوله: «خِبْثَةٌ مِنْ الخَبَائِثِ» لا يثبت عنه، والأصل في الأطعمة الحل.

وهذا هو الأرجح.

المسألة الرابعة: أكل الحشرات والديدان([4]):

مذهب المالكية ورواية لأحمد: أنه يجوز أكلها، فالأصل في الأطعمة الحل، وقد روى أبو داود (3792) عن ملقام ابن التلب عن أبيه قال: «صَحِبْتُ النَّبِيَّ H فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَاتِ الأَرْضِ تَحْرِيمًا». وإسناده ضعيف، فيه ملقام وغالب بن حجيرة، مجهولا حال.

ومذهب جمهور العلماء: أنه يحرم أكلها؛ لأنها مستخبثة، فالنفوس تعافها، ولقوله D: ﴿ حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ [المائدة: ٣]، والحشرات لا يقدر على تذكيتها، وقد أمر النبي H بشرب ما وقع فيه الذباب ورمي الذباب ولم يأمر بأكله.

وهذا هو الراجح.

ملاحظة: لا يدخل في تحريم أكل الحشرات الجراد بالإجماع، كما تقدم.

وكذلك الدود المتولدة من الطعام؛ لأن المتولد منه يعد كالجزء منه، لكن لا يؤكل منفردًا، وإنما يؤكل تبعًا مع الطعام، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وهو الراجح([5]).

ويخرج من هذا الخلاف: الوزغ؛ فقد أجمع العلماء على حرمة أكله، فقد ثبت عن النبي H الأمر بقتله.

 

([1]) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص/65)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/115، 119).

([2]) تفسير القرطبي (7/300)، أضواء البيان (1/258).

([3]) المغني (13/317)، أضواء البيان (2/265)، كتاب أحكام الحشرات (ص/341)، كتاب فقه الأطعمة (ص/94).

([4]) المغني (13/317)، المحلى مسألة (994، 995)، مجموع الفتاوى (21/585)، الإنصاف (10/359)، أضواء البيان (2/265)، فقه الإطعمة (ص/84).

([5]) المغني (13/343)، أحكام الحشرات (ص/365).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1270