عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ, أَقْرَنَيْنِ, وَيُسَمِّي, وَيُكَبِّرُ, وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. وَفِي لَفْظٍ: ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظِ: سَمِينَيْنِ.
وَلِأَبِي عَوَانَةَ فِي «صَحِيحِهِ»: ثَمِينَيْنِ. بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ, وَيَقُولُ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ».
تخريج الحديث:
حديث أنس بن مالك I: رواه البخاري (5558)، ومسلم (1966)، وقوله: «وَفِي لَفْظِ: «سَمِينَيْنِ» رواه البخاري (11/123) معلقًا، وقوله: «وَلِأَبِي عَوَانَةَ فِي ]صَحِيحِهِ[: «ثَمِينَيْنِ» الموجود في ]صحيحه (3220) [: «سَمِينَيْنِ».
فقه الحديث:
عامة العلماء على أنها تكون من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، ولا تكون من غيرها، فقد قال D: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ ﴾ [الحج: ٣٤].
ولا يعلم في عهد رسول الله H إلا التضحية من بهيمة الأنعام.
والأفضل عند جمهور العلماء: التضحية بالإبل ثم بالبقر ثم بالغنم؛ لأن البُدن -الإبل- أكثر ثمنًا ولحمًا ونفعًا، فكانت الأحق بالتقديم، ولأن الأجر والتقرب بالإبل أعظم، ثم البقر ثم الغنم، ففي ]الصحيحين[ عن أبي هريرة I في حضور الجمعة قال النبي H: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً».
والأضحية بالغنم أفضل من شرك في بدنة أو بقرة؛ لأن إراقة الدم مقصودة في الأضحية، والمنفرد بالشاة يتقرب بإراقتها كلها، ولأن هذا فعل النبي H، فقد ذكر أنس I: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ».
وهذا هو الصحيح.
أجمع العلماء على استحباب السمين في الأضحية؛ لأن المقصود منها اللحم، والسمين أكثر لحمًا.
والذكر منها أفضل من الأنثى على الصحيح من أقوال العلماء، وهو مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية، ورواية للحنابلة، فقد كان النبي H يضحي بالكباش.
والمشهور عند الحنابلة أنهما سواء، والأفضل بحسب السمن والنفع.
وإذا ضحى بالغنم؛ فالضأن أفضل من المعز، فالنبي H كان يضحي بالكبش، وهو الضأن، ولا نعلم في هذه الأفضلية خلافًا.
وإذا ضحى بالكبش؛ فالأفضل الأملح، وهو الأبيض، وقد يكون فيه بعض السواد، والأقرن، وهو عظيم القرن، فهذا يدل على قوته، فقد ذكر أنس I: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ».
تجب التسمية عند ذبح الأضحية، كما تجب عند كل ذبح وصيد، وعليه جمهور العلماء -كما سبق-.
وأما التكبير مع التسمية عند ذبح الأضحية؛ فهو مستحب عند جمهور العلماء، فقد كان النبي H يفعله يسمي ويكبر، فيقول: «بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ».
اتفق الفقهاء على أنه يستحب لصاحب الأضحية ان يذبح أضحيته بيده، فقد كان النبي H يضحي بكبشين يذبحهما بيده.
وإن وكل غيره من المسلمين بالذبح جاز بلا خلاف بين الفقهاء.
([1]) المجموع شرح المهذب (8/394، 396)، شرح مسلم (13/100)، المغني (13/366)، بداية المجتهد (1/430)، المحلى مسألة (977)، فتح الباري (11/126).
([2]) المراجع السابقة والإنصاف (4/74)، الموسوعة الفقهية (5/99).
([3]) شرح مسلم (13/103)، المغني (13/390)، منحة العلام (9/272).
([4]) شرح مسلم (13/102)، المغني (13/389)، الموسوعة الفقهية (5/100).