وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ, وَلَا نُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ, وَلَا مُقَابَلَةٍ, وَلَا مُدَابَرَةٍ, وَلَا خَرْمَاءَ, وَلَا ثَرْمَاءَ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ. وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ.
حديث علي بن أبي طالب: رواه أحمد (1/108)، وأبو داود (2804)، والنسائي (7/216)، والترمذي (1498)، وابن ماجه (3142)، ورجاله ثقات، ولكن رجح الدار قطني فيه الوقف([1]).
وله طريق أخرى مختصرة عن علي I، قال: «أمرنا رسول الله H، أن نستشرف العين والأذن». رواها أحمد (1/95)، والترمذي (1503)، وابن ماجه (3143)، وفيها حجية بن عدي، فيه ضعف.
وله طريق ثالثة مختصرة، رواها أحمد (1/132)، وإسنادها حسن إن شاء الله، فالحديث يثبت مرفوعًا مختصرًا.
ذهب بعض الحنابلة وبعض الظاهرية إلى أنه لا تشترط في الأضحية سلامة الأذن، فقد جاءت العيوب في حديث البراء I محصورة بأربعة، وليس فيها مقطوعة الأذن، وحديث علي I موقوف عليه.
ومذهب الشافعية، وقول للمالكية، وقول ابن حزم: أنه يشترط في الأضحية سلامة الأذن، فلا تجزئ مقطوعة الأذن كلها أو بعضها؛ لعموم قول علي I «أمرنا رسول الله H، أن نستشرف العين والأذن-ومعناه: أن نشرف عليهما ونتأملهما؛ لطلب سلامتهما- وَلَا نُضَحِّيَ بِعَوْرَاءَ، وَلَا مُقَابَلَةٍ- وهي مقطوعة الأذن من الأمام-، وَلَا مُدَابَرَةٍ-وهي مقطوعة الأذن من الخلف-، وَلَا خَرْمَاءَ-وهي مثقوبة الأذن-، وَلَا ثَرْمَاءَ-وهي التي سقطت ثنيتها-».
ومذهب الحنفية، والمشهور عند المالكية، والمشهور عند الحنابلة، ووجه للشافعية: أن مقطوعة الأذن تجزئ التضحية بها إذا كان أكثر الأذن باقيًا، وليس مقطوعًا، ويتجوَّز عن القليل منها، كما أجمع العلماء على التجوُّز عن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء I إذا كان العيب يسيرًا.
وهذا هو الراجح.
وعامة العلماء على أن الخرقاء أو الخرماء - وهي التي ثُقبت أذنها - مجزئة في الأضحية؛ لأن اشتراط السلامة من ذلك يشق، والأفضل تجنبها كما جاء عن علي I.
الصحيح من أقوال العلماء: أنها تجزئ مكسورة القرن، ومقطوعة الذنب، أو التي لا ذنب لها، وهي البتراء، وكذلك تجزئ الخصي.
وأما ما رواه أحمد (1/83)، وأبو داود (2805)، وابن ماجه (3145)، عن علي I قال: «نهى رسول الله H أن يضحى بعضباء القرن والأذن». ففي إسناده ضعف. وعضباء القرن: هي ما ذهب أكثر من نصف قرنها.
والأفضل: اختيار الأكمل في الأضحية والتي لا عيب فيها، فهي قربة لله يرجى الأجر فيها، وقد صح عن ابن عمر L «أنه كان يتقي التي نقص من خلقها». رواه مالك في الموطأ.
([1]) علله (3/239).
([2]) المغني (13/373)، المجموع شرح المهذب (8/404)، المحلى مسألة (974)، الاستذكار (15/126)، بداية المجتهد (1/432)، حاشية ابن عابدين (5/393)، الإنصاف (4/80).
([3]) الاستذكار (15/129)، المجموع شرح المهذب (8/401)، بداية المجتهد (1/433)، المغني (13/370)، فتح الباري (11/124).