2024/12/31
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ: إِذَا لَمْ يُسَمِّ, وَصَحَّحَهُ

- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ: إِذَا لَمْ يُسَمِّ, وَصَحَّحَهُ.

(1386) 13 - وَلِأَبِي دَاوُدَ: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ, فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ, وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ, فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ, وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ, فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ; إِلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ رَجَّحُوا وَقْفَهُ.

تخريج الحديثين:

حديث عقبة بن عامر I: رواه مسلم (1645)، ورواه أبو داود (3323)، والترمذي (1528)، وابن ماجه (2127) وزادوا فيه «إِذَا لَمْ يُسَمِّ» وهي زيادة ضعيفة، جاءت عن عقبة بن عامر I من طريقين:

الأولى: فيها محمد بن يزيد الفلسطيني، مجهول.

والثانية: فيها إسماعيل بن رافع ضعيف.

حديث ابن عباس L: رواه أبو داود (3322) والبيهقي (10/45)، مرفوعًا وموقوفًا، والصحيح فيه الوقف. كما ذكره المصنف عن الحفاظ.

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: من نذر نذرًا لم يسمه([1]):

ويسمى بالنذر المبهم، كقوله: لله عليَّ نذرٌ، أو نذرت لله بعبادة، ولم يسم النذر.

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن فيه كفارة يمين؛ لعموم قوله H: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ»، وفي رواية «إِذَا لَمْ يُسَمَّ»، وثبت هذا عن ابن عباس L.

المسألة الثانية: من نذر نذرًا لا يطيقه([2]):

إما لم يكن يطيقه من البداية، وإما كان قادرًا عليه فعجز عنه، والصحيح أن عليه كفارة يمين ويخرج من هذا النذر؛ لعموم قوله H: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ»، وفي الحديث الآخر: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، واختاره علماء اللجنة الدائمة([3]).

وقيل: لا شيء عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا ، وهو مذهب المالكية.

وقيل: يبقى بذمته، فإن استطاع له وفَّى به، وإن كان له بدل أتى ببدله، كمن نذر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ثم عجز لكبر أو مرض مزمن؛ فيطعم عن كل يوم مسكينًا، وهو مذهب الشافعية.

المسألة الثالثة: نذر اللجاج-الغضب والخصومة-([4]):

وهو النذر الذي يمنع الناذر فيه نفسه أو غيره من فعل شيء أو يحض نفسه أو غيره على فعل شيء، كقوله: إن كلمت زيدًا فلله عليَّ حج، أو صدقة بكذا، أو صوم كذا، أو يقول: إذا فعلت كذا فمالي كله صدقة.

وقد اختلف العلماء فيه:

فالمشهور عند المالكية، ورواية لأبي حنيفة، وقول للشافعية: يجب الوفاء بهذا النذر؛ لعموم الأدلة التي تأمر بالوفاء بالنذر، ولم تفرق بين نذر وآخر.

ومذهب أحمد في رواية، وقول بعض المالكية وبعض الشافعية: أنه لا يوفى به، وتتعين الكفارة؛ لأن المراد من هذا النذر: الحث على فعل أو المنع من فعل، وهذا هو المقصود من اليمين، فخرج مخرج اليمين، واليمين فيها كفارة.

والذي عليه أكثر أهل العلم: أنه مخير بين الوفاء به وبين كفارة اليمين، فالوفاء به؛ لأنه يشبه النذر من حيث إنه التزام بعبادة وقربة، وله أن يكفر كفارة يمين بدلًا من الوفاء؛ لأنه إنما أراد منه الحث أو المنع، وهذا هو معنى اليمين، ولم يقصد به القربة والبر، ولعموم قوله H: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ»، أي: من ترك النذر كفر عن يمينه، وهذا ينطبق على نذر اللجَاج، وهذا القول هو الأرجح، واختاره علماء اللجنة الدائمة وابن عثيمين([5]).

ومذهب الظاهرية: ليس عليه الوفاء ولا الكفارة؛ لأنه نذر معصية، فالمراد منه اليمين، وهو حلف هنا بغير الله، ونذر المعصية لا وفاء به ولا كفارة.

 

([1]) بداية المجتهد (1/424)، الاستذكار (15/13)، المغني (13/624)، شرح السنة (10/34).

([2]) المغني (13/632)، الإنصاف (11/147)، الموسوعة الفقهية (40/208).

([3]) فتاواها (23/224).

([4]) الاستذكار (15/104)، بداية المجتهد (1/427)، المحلى مسألة (1114)، شرح السنة للبغوي (10/36)، روضة الطالبين (2/561)، المغني (13/461)، مجموع الفتاوى (33/295)، الإنصاف (11/119)، الفقه الإسلامي وأدلته (4/2562)، الموسوعة الفقهية (7/472).

([5]) فتاوى اللجنة الدائمة (23/203)، الشرح الممتع (6/452).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1309