وَلِلْبُخَارِيِّ: مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ».
(1388) 15 - وَلِمُسْلِمٍ: مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ: «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ».
حديث عائشة J: أخرجه البخاري (6696).
حديث عمران I: أخرجه مسلم (1641).
أجمع العلماء على أنه لا يحل الوفاء بنذر المعصية.
واختلفوا في وجوب الكفارة فيه:
فمذهب جمهور العلماء: أنه لا كفارة فيه، فقد قال النبي H: «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ»، وقال: «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» ولم يأمر بالكفارة، وما جاء من الأمر بها لا يصح، وقال البخاري:« الصحيح عن النبي H: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ»، وكل من قال فيه كفارة، فليس بشيء»([2])، ولأن نذر المعصية لا ينعقد، فلم يوجب شيئًا، كاليمين غير المنعقدة-الغموس، والحلف بغير الله-لا كفارة فيها.
ومذهب الحنفية، والصحيح عند الحنابلة، وقول بعض الشافعية، واختيار ابن تيمية وابن القيم وعلماء اللجنة الدائمة([3]): أن فيه كفارة يمين؛ لما رواه أحمد (6/247)، وأبو داود (3281)، والنسائي (7/26)، والترمذي (1524)، وابن حبان (2125)، والبيهقي (10/69)، أن النبي H قال: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»، جاء من حديث عائشة وابن عباس وعمران، وصححه الألباني([4])، ولعموم قوله H: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ».
وهذا القول هو الأرجح، ولو لم يثبت ذكر الكفارة، فيكفي عموم حديث عقبة بن عامر I، فيشمل كل نذر لا يوفى به.
وذلك كمن نذر أن يصوم السنة كلها من غير أيام العيد والتشريق، أو نذر أن يقوم الليل كله، أو نذر أن يطلق امرأته بلا سبب.
والصحيح: أنه لا يجب الوفاء بهذا النذر؛ لأنه نذر في عمل لا يستحب، والأفضل أن لا يفي به ويكفر كفارة يمين. وهذا هو المذهب عند الحنابلة، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة([6])؛ لعموم قوله H: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ».
([1]) المغني (13/624)، بداية المجتهد (1/423)، شرح السنة للبغوي (10/33)، مجموع الفتاوى (11/504)، (25/277)، فتح الباري (13/447)، عون المعبود مع تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (9/82)، الإنصاف (11/122).
([2]) التاريخ الأوسط للبخاري (2/146).
([3]) فتاواها (23/232، 239).
([4]) السلسلة الصحيحة (479).
([5]) المغني (13/628)، مجموع الفتاوى (25/276)، الإنصاف (11/121)، الشرح الممتع (6/455).
([6]) فتاواها (23/218، 222).