وَعَنْ جَابِرٍ : أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي نَاقَةٍ, فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نُتِجَتْ عِنْدِي, وَأَقَامَا بَيِّنَةً, فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ.
(1431) 09 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ. رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ, وَفِي إِسْنَادِهِمَا ضَعْفٌ
حديث جابر I: رواه الدار قطني (4/209)، والبيهقي (10/256)، وإسناده ضعيف، فيه أبو حنيفة، ضعيف في الحديث، ويزيد بن نعيم، مجهول.
حديث ابن عمر L: رواه الدار قطني (4/213)، والحاكم (4/100)، والبيهقي (10/184)، وإسناده ضعيف، ففيه محمد بن مسروق، لا يعرف، وإسحاق ابن الفرات، فيه ضعف.
المشهور عند الحنابلة: أنها تقدم بينة المدعي؛ لأنه الذي طلب الشرع منه البينة، فقال: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»، ولأن بينة المدعي تثبت حقًا له لو لم يكن بيده، فكانت أقوى من بينة المدعى الذي عليه العين بيده.
ومذهب جمهور العلماء: أنها تقدم بينة المدعى عليه؛ لأنها أقوى، لوجود الشيء المتخاصم عليه في يده، فوجب إبقاء يده على ما فيها، كما لو لم تكن هنالك بينة لواحد منهما.
وقد «اخْتَصَمَ رَجُلَانِ فِي نَاقَةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نَتَجَهَا فَقَضَى بِهَا لِلَّذِي فِي يَدِهِ»، وهذا الحديث وإن كان إسناده ضعيفًا، فمعناه صحيح.
وهذا هو الأرجح.
ومعناه: أن يرفض المدعى عليه أن يحلف إذا طلبت منه اليمين.
فمذهب الظاهرية: أنه يحبس حتى يقر بالحق عليه أو يحلف.
ومذهب جمهور العلماء: أنه لا يسجن.
واختلفوا هل يحكم عليه بمجرد النكول، أم ترد اليمين على المدعي؟
فمذهب الحنفية، والمشهور عن الحنابلة: أن الدعوى تلزم المدعى عليه بمجرد رفضه لليمين، ويثبت الحق للمدعي، ولا يطالب باليمين على صدق دعواه، فنكول المدعى عليه يدل على أنه مقرٌ بالحق عليه، وقد قال H: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وفي رواية «عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ـ كما سبق في حديث ابن عباس L - فحصر اليمين على المدعى عليه فلا تطلب من المدعي.
ولما رواه الإمام البيهقي (5/328) وغيره أن ابن عمر L باع عبدًا له، فادعى المشتري أن فيه عيبًا، فقضى عثمان I باليمين على ابن عمر، أنه لا يعلم عيبًا في عبده، فرفض ابن عمر L اليمين واسترجع العبد. وإسناده صحيح.
ولم يرد عثمان اليمين على خصم ابن عمر L.
ومذهب المالكية والشافعية، ورواية لأحمد: أن اليمين ترد على المدعي ولا يثبت له الحق إلا بعد حلفه؛ وذلك لأن جانبه قوي برفض المدعى عليه لليمين، فاقتصر على طلب اليمين منه بدلًا من البينة، حتى يغلب على الظن صدقه.
ولما سبق في باب القسامة، «أن النبي H رد اليمين على اليهود بعد نكول خصومهم من المسلمين المدعين عليهم من الحلف» وهذا يدل على مشروعية رد اليمين على الطرف الآخر.
وفي الحديث أن رسول الله H «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» أي: على المدعي.
وما جاء في أثر عثمان مع ابن عمر L فإنما لم يرد عثمان I اليمين على خصم ابن عمر L؛ لأن ابن عمر L تنازل عن حقه من ذات نفسه وفسخ البيع. وهذا المذهب هو الأحوط
([1]) مصنف ابن أبي شيبة (5/135، 148)، المحلى مسألة (1811)، المغني (14/279)، سنن البيهقي مع الجوهر النقي (10/256)، فتح باب العناية (3/176)، الإنصاف (11/380).
([2]) المحلى مسألة (1783)، الاستذكار (22/57، 71)، بداية المجتهد (2/469)، المغني (14/233)، مجموع الفتاوى (20/390)، (35/392)، الطرق الحكمية (ص/75)، المفهم للقرطبي (5/149)، الإنصاف (11/254)، فتح باب العناية (2/167).