2024/12/31
عَنِ ابْنِ عُمَرَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ, فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ, قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ, فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ,

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ, فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ, قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ, فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ, وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ, وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1438) 06- وَلَهُمَا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : «وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ, وَاسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». وَقِيلَ: إِنَّ السِّعَايَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ.

تخريج الحديثين:

حديث ابن عمر L: رواه البخاري (2491) ومسلم (1501).

حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (2492)، ومسلم (1503).

وقوله: « وَقِيلَ: إِنَّ السِّعَايَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ »، ممن قال بهذا الإمام أحمد والدار قطني، فقالوا: ليست من قول النبي خ، وإنما هي من قول بعض رواة السند([1]).

فقه الحديثين:

مسألة: من أعتق شركًا له في عبد([2]):

أولًا: إذا كان المعتق موسرًا.

عامة العلماء أنه يلزم المعتق أن يدفع قيمة نصيب الشركاء الذين لم يعتقوا، ويصير العبد حرًا بأكمله، وقد قال H: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أي: نصيبًا له من عبد يملكه هو وغيره-، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ -أي يساوي قيمة العبد كاملًا- قُوِّمَ العَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ -أي قدر العدول قيمة العبد كاملًا-، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ-أي صار العبد حرًا بأكمله-، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». ويكون الولاء للمعتق وحده.

ثانيًا: إذا كان المعتق معسرًا.

فلا يلزمه دفع قيمة ما بقي من العبد لشركائه، عند عامة العلماء، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وقد قال H: « وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ » أي: صار العبد حرًا بقدر نصيب المعتق فقط.

واختلفوا في طلب السعاية من العبد في هذه الحالة، ليعتق ما بقي منه:

فمذهب جمهور العلماء: أن هذا العبد لا يطالب بالسعي لأجل دفع ما بقي من قيمته، لمن لم يعتقه ممن يملك ما بقي منه، وقد قال النبي H: «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ»، أي: صار بعضه حرًا والبعض الآخر رقيقًا.

وأمره بالاستسعاء في الرواية الأخرى، لا يثبت، أو أن معناه يبقى بخدمة من لم يعتقه دون أن يشق عليه.

ومذهب الحنفية والظاهرية، ورواية لأحمد: أن العبد في هذه الحالة يطالب بالسعاية لتحصيل مال، لأجل إعتاق ما بقي منه فيدفعه لمن لم يعتقه، حتى يكون حرًا بأكمله، لقوله H: «قُوِّمَ المَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ-أي قدر العدول كم تبلغ قيمته-، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ -أي سعى في دفع ما بقي من قيمته »، وهذه الرواية قد قبلها صاحبا الصحيحين، فهي رواية صحيحة، ولا تعارض ما جاء في الرواية الأولى: « وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ»؛ إذ المعنى: أن المعتق إذا كان معسرًا فلا يلزمه دفع ما بقي من قيمة العبد لشركائه، فلا يعتق منه إلا بقدر نصيبه، ويطالب العبد بالسعاية ليعتق ما بقي منه بدفع القيمة لشركاء المعتق.

وهذا القول هو الأرجح، واختاره ابن تيمية وابن القيم.

 

([1]) الإلزامات والتتبع (ص/205)، فتح الباري (5/461).

([2]) بداية المجتهد (2/369)، الاستذكار (23/123)، شرح مسلم (10/117)، شرح مشكل الآثار (13/426)، المغني (14/351، 358)، فتح الباري (5/463).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=1344